المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف مقتطفات

عصر السريالية (مقتطف)

صورة
بقلم: والاس فاولي أصبحت كلمة "سريالية" تشير إلى مرحلة تاريخية معينة، مع أنها لم تدخل لغة المعاجم إلا منذ وقت وجيز. وهي تستعمل بصورة جامعة مانعة لوصف تلك الحركة الفنية التي اتخذت من باريس مركزًا لها في فترة ما بين الحربين العالميتين 1919-1939. لقد كانت السريالية في عشرينيات هذا القرن وثلاثينياته حركة منظمة ذات طبيعة ثورية ترفض القيم والأعراف القديمة، ولها قادتها ومريدوها، وبياناتها ومنشوراتها، كما كان لها معارضها وتظاهراتها. في تلك السنوات صارت حركة عالمية حتى أن أربعة عشر بلدًا اشتركت في معرضها الذي أقيم سنة 1938.  ولكن للسريالية (فوق الواقعية) معنى آخر، قد يكون أبديًا، كما أن لها مضمونًا يتجاوز مضمون جماعة أندريه بريتون التي خلفت الدادائية حوالي عام 1924. وفي تقسيمنا لهذا الكتاب حافظنا على النسبة العادلة بين الإنجازات التاريخية لسريالية القرن العشرين من ناحية، ومعناها الفلسفي الأعمق من ناحية أخرى. لذلك سنتناول في بعض الفصول السرياليين الذين يعتبرون أنفسهم مؤسسي الحركة، أمثال بريتون وإليوار، بينما نتناول في الفصول الأخرى الفنانيين الذين كانوا قري

الرسم الصيني (مقتطفات)

صورة
وفقًا لطريقة وأسلوب الرسم ينقسم الرسم الصيني التقليدي إلى رسم قونق بي والرسم التعبيري بالحبر.  رسم قونق بي هو "رسم الخطوط الدقيقة". خطوطه منتظمة ودقيقة، يهتم برسم المنمنمات، ثم زخرفتها بألوان ثقيلة زاهية. معظم أصباغه من المعادن،، لذا تبقى وقتًا طويلًا، ولا يذهب لونها. ولأن هذا الرسم يبدو زاهيًا فخمًا، لذلك كان الرسامون يستخدمونه في البلاط الإمبراطوري على مدار تاريخ الصين تعبيرًا عن عظمة وجلالة الأباطرة.  الرسم التعبيري هو "رسم الخطوط الغليظة"، يعبر عن ملامح هيئات الأشياء بخطوط مختصرة، ولا يركز على التشابه الدقيق للمرسومات. والرسام يستخدم دائمًا الأساليب المختصرة والمبالغة والتخيلية في التعبير عن مشاعره، وشخصيته. لذلك لهذا النوع من الرسم نوع من الارتجال والعفوية ويحقق أحيانًا نتائج غير متوقعة، يصعب تقليده، يرسم بالحبر المائي، فيبدو رزينًا وبسيطًا، وفي الفترة الأخيرة يحتل هذا الرسم نسبة كبيرة من أعمال الرسم الصيني.  في بواكيره الأولى قبل القرن الثاني عشر، كان الرسم الصيني كله من رسم قونق بي بالألوان الثقيلة، بينما معظمه في الفترة المتوسطة والأخيرة ينتمي

بهجة الشعر (اقتباس)

صورة
بقلم:  ديلان توماس وجربت يدي الغرة، كل شكل شعري تقريبًا،  فكيف يمكنني أن أتعلم سر الصنعة إذا لم أحاول أن أقوم بالعمل بنفسي! تعلمت أن الأساليب الرديئة تأتي بسهولة، أما أسرار الصنعة الجيدة التي تساعدك في قول ما تظن أنك ترغب في قوله بأكثر الطرق المؤثرة ذات المعنى، فما زلت أتعلمها –في صحبة جادة عليك بتسمية هذه الوسائل بأسماء مختلفة: حيل تكتيكية مثلا، أو تجارب في فن نظم الشعر ... إلخ.  *** *** *** لوحة بعنوان بعث ( Resurrection ) للفنان صلاح عناني أنا أستخدم كل شيء لأجعل قصائدي تعمل وتسير في الاتجاه الذي أريده لها، وسائل قديمة أو جديدة، تورية، كلمات منحوتة أو مركبة، تناقض ظاهري، إشارات تلميحية، جناس، استعمال الألفاظ استعمالا خاطئًا، العامية، التناغم السجعي، القوافي اللينة، التناغم المطلق المفاجئ، كل حيلة أو وسيلة موجودة في اللغة يمكنك أن تستخدمها إذا أردت، على الشعراء أن يمتعوا أنفسهم أحيانًا، تحريف ولف الكلمات، واختراع ونحت كلمات جديدة .. كلها أجزاء من عملية الفرح التي هي جزء من العمل المؤلم الإرادي. 

الفاشية في تاريخ أوروبا (مقتطفات)

صورة
بقلم: بيير ميلزا الفاشية هي أساسًا ظاهرة أوروبية، سواء كانت في الشكل المكتمل، الذي تميزه الديكتاتوريات الشمولية لفترة ما بين الحربين، أو في الشكل الجنيني للحركات التي غالبًا ما توصف بما قبل الفاشية، والتي تطورت في العديد من دول العالم القديم عند ملتقى القرنين التاسع عشر والعشرين. وسواء شئنا أم أبينا، فهي مرتبطة دائمًا بتاريخنا. فهي من نتاج تاريخنا المشترك. وعلى هذا النحو - أيًا ما كان الألم الذي يسببه اختبار الذاكرة- ينبغي مجابهتها، ليس كعرض عابر أو ك"مرض أخلاقي مقحم، في جسم سليم، حسبما اعتقد بنيديتو كروس Benedetto CroceK، لكن كذروة مسلك أيديولوجي وثقافي متجذر في تاريخ أوروبا المعاصرة، وذلك للتمكن من فهم آعمق وتحقيق استجابة أكثر فعالية إزاء الانبعاثات المحتملة، وإن لم تكن مناسبة مسبقًا لشياطين قدامى أمكن الاعتقاد بأنها لن تلاحق سوى الذاكرة المتحجرة لبعض من يحن إلى "النظام الجديد" الهتلري. ... الفاشية والبربرية التي ولدتها، لا سيما في قالبها الهتلري، ليستا غريبتين عن أوروبا. ولدت الفاشية في أوروبا. وتطورت صباح اليوم التالي للحرب العالمية الأولى في سياق أوروبي بشكلٍ

مقاطع من كتاب ستيف جوبز لوالتر إيزاكسون

صورة
من الفصل الأول: بُني منزل آل جوبز والمباني الأخرى في حيهم بواسطة المقاول جوزيف إيكلار الذي بنت شركته ما يزيد عن 11 ألف منزل في العديد من مقاطعات كاليفورنيا في الفترة ما بين 1950 و 1974، قام إيكلار – مستمدًا إلهامه من رؤية فرانك لويد رايت لتوفير منازل عصرية بسيطة "لجميع" الأمريكيين- ببناء منازل رخيصة الثمن وتتميز بحوائط زجاجية تمتد من الأرض إلى السقف وتصميم الدور الأرضي المفتوح، وأسلوب التشييد بالأعمدة والعوارض المكشوفة، وأرضيات الألواح الخرسانية، والكثير من الأبواب الزجاجية المنزلقة. قال جوبز أثناء إحدى جولاتنا حول الحي: "لقد قام إيكلار بعمل عظيم. إن المنازل التي بناها تتميز بالأناقة ورخص الثمن والجودة، وقد مكنت الأشخاص ذوي الدخل المحدود من امتلاك منازل ذات تصميم بارع وذوق بسيط. وقد كانت تمتلك بعض المقومات المذهلة، مثل تدفئة الأرضيات بالحرارة الإشعاعية. إنك تغطي الأرضيات بالسجاد، ولكننا كنا نمتلك أرضيات دافئة رائعة عندما كنا أطفالًا".  قال جوبز إن تقديره للمنازل التي بناها إيكلار غرست فيه الشغف لصنع منتجات جيدة التصميم لتسويقها. قال جوبز مشيرًا إلى الأن

الأفكار والتاريخ (مقتطف)

صورة
جون هرمان راندال ترجمة: جورج طعمة وهكذا تجد الأفراد جيلا بعد جيل يكيفون أبنية العهود السابقة لتطابق حاجاتهم ورغائبهم، فتارة يحتفظون بها كاملة دون أي تحوير مكتفين بمجرد تغيير استعمالها. وتارة يضيفون أحجارًا جديدة وأشكالا جديدة. وأحيانًا أخرى يهدمونها ويعيدون بناءها بالمواد القديمة. ومع ذلك تستمر الحياة لتكرر في حيوية جديدة، ومن غير اكتراث لما كان من قبل، دورة الولادة والأمل والفشل والموت، في ظل إمبراطور أو أمير، أو بابا،، أو ملك أو دكتاتور. حقًا إن روما هي المدينة الخالدة: خالدة بقصورها وأبنيتها القديمة، خالدة بأشواقها وآمالها الجديدة، وكأنها جديرة بأن تكون رمزًا للإنسانية التي اعتبرتها لمدة طويلة مركزها.  وما تاريخ الإنسانية سوى تاريخ جهود وأبنية تتناولها يد الإنسان بالتعديل المستمر فتتسع لتآلف التيارات الجديدة للحياة. وهو أيضًا قصة جدران قديمة شاخت فعملت فيها معاول التهديم ثم أعيد بناؤها بأشكال جديدة. وقصة البرابرة القساة وما جنته أيديهم المدنسة على الأبنية الأثرية الشامخة من تشويه وتخريب، وقصة الكنائس القديمة التي حافظ عليها المؤمنون بورع وتقى، والقصور التي دمر

لماذا؟

صورة
ألبير كامو ترجمة: مجاهد عبد المنعم مجاهد ليست هناك إلا مشكلة فلسفية هامة واحدة ألا وهي مشكلة الانتحار. فالحكم عما إذا كانت الحياة جديرة بأن تعاش أم لا، إنما يرتفع إلى الجواب على المسألة الأساسية في الفلسفة وتأتي كل مسألة أخرى بعد ذلك [...] فإذا سألت نفسي كيف يمكنني أن أحكم بأن هذا السؤال أكثر أهمية من غيرها، فإنني أجيب بأن المرء يحكم عن طريق الأفعال التي تستتبع منه. عمري ما شاهدت إنسانًا ينتحرُ من أجل البحث الأنطولوجي. وإن جالليو الذي ذكر حقيقة علمية ذات أهمية كبيرة، نبذها بمنتهى السهولة حالما تعرضت حياته للخطر. وبمعنى ما من المعاني، حسنًا فعل. وما كانت هذه الحقيقة تستحق عناء المخاطرة. فسواء كانت الأرض هي التي تدور حول الشمس أو الشمس هي التي تدور حول الأرض فهي مسألة من قبيل عدم الاكتراث العميق. بل يمكننا أن نقول إنها مسألة عقيمة. ومن جهة أخرى أرى، أناسًا كثيرين يموتون بسبب أن الحياة عندهم تستحق أن تعاش. وأرى آخرين يذهبون ضحية القتل بسبب الأفكار أو الأوهام التي تزودهم بسبب كاف للحياة (وما يقال عنه سبب كاف للحياة هو سبب رائع للموت) ولهذا فإنني أخلص إلى أن معنى الحياة

ما يمكن للرواية وحدها أن تكشفه (مقتطفات)

صورة
ميلان كونديرا ترجمة: بدر الدين عرودكي تصاحب الرواية الإنسان على الدوام وبإخلاص منذ بداية الأزمنة الحديثة. لقد سيطر "هوى المعرفة" (هذا الهوى الذي يعتبره هوسرل جوهر الروحانية الأوروبية) آنئذ على الإنسان كيما يدرس الحياة المحسوسة للإنسان ويحميه ضد "نسيان الكائن"، حتى يضع "عالم الحياة" تحت إنارة مستمرة. بهذا المعنى إنما أفهم وأشارك عناد هرمان بروخ عندما كان يكرر بلا هوادة: اكتشاف ما يمكن للرواية وحدها أن تكشفه، هو ذا ما يؤلف مبرر وجود الرواية. إن الرواية التي لا تكشف جزءًا من الوجود لا يزال مجهولا هي رواية لا أخلاقية. إن المعرفة هي أخلاقية الرواية الوحيدة.  *** *** *** إن روح الرواية هي روح التعقيد. كل رواية تقول للقارئ: "إن الأشياء أكثر تعقيدًا مما تظن". إنها الحقيقة الأبدية للرواية، لكنها لا تُسمِعُ نفسها إلا بصعوبة في لغط الأجوبة البسيطة والسريعة التي تسبق السؤال وتستبعده. في نظر روح عصرنا: إما أن تكون أنا كارنينا على حق، أو أن يكون زوجها على حق، وتبدو حكمة سرفانتس القديمة التي تحدثنا عن صعوبة المعرفة وعن الحقيقة التي ل

الجسد الراقص والتقدم في العمر

صورة
تأليف: ستيفن ب وينرايت، وبرايان س تيرنر ترجمة: أسامة الغزولي التجسيد والصورة المشتركة عند الراقص اللوحة لإدجار ديجا (Edgar Degas) غالبًا ما يقال في علم الاجتماع الحديث: إن الجسد أصبح مشروعًا في المجتمع المعاصر، حيث الحمية والتدريب وأسلوب الحياة، بل والجراحة التجميليلة تستخدم لإنتاج جسد يتسق مع تعريفنا لأنفسنا، فالجسد يمكن أن نراه "ككيان هو بسبيله إلى أن يكون؛ كمشروع يجب أن نشتغل عليه وننجزه كجزء من الهوية الذاتية للفرد" (شيلينغ 1993: 5) وبالنسبة للراقص المحترف، قد تبدو فرضية شيلينغ معتدلة أكثر من اللازم، لأن التحول إلى راقص باليه كلاسيكي يتطلب أن يكون الجسد جوهر الهوية ذاته. ونظام الباليه ينتج نوعًا معينًا من الجسد ويحافظ عليه، فلا يمكن فصله عن هوية الراقص. وكما قال رودولف نورييف: "أنا راقص" ( سولواي 1998) ويقول بول (1999: 275): "لو أمكن للجسد أن ينطق فإن لغة البالية الكلاسيكي يجب أن تكون الأكثر طلاقة في الوجود". لكن الطلاقة في هذه اللغة الخاصة بالجسد لا تتحصل إلا عبر جدول بدني عقابي". وتعلق راقصة البالية الأولى في البا

يلحقُ بالوحدة

صورة
loneliness  by  Lanre Buraimoh مال إلى الانفراد، إذا رأي اثنين يتحدثان نأى، إذا أفسح الخطى وأوشك على الاقتراب من أحدهم يتجاوزه بسرعة فكأنه يلحق بالوحدة.! (مقتطف من:  هاتف المغيب ل جمال الغيطاني)

الخوف ونظرية التطور (مقتطفات)

صورة
دايفيد باس تبدي الجرذان رهابًا مذهلا من الجديد، أو نفورًا قويًا من الأطعمة الجديدة (غير المألوفة). توزع الجرذان بشكل نموذجي الأطعمة الجديدة وغير المألوفة في عينات جد صغيرة. وعندما تفعل ذلك فإنها تأكل الأطعمة الجديدة كل على حدة – ولا يحدث أبدًا أن تأكلها مع بعضها. ومن خلال الإبقاء على صغر عينات الطعام الجديد وفصلها عن بعضها بعضًا يكون لدى الجرذان فرصة كي تتعلم ما الذي يجعلها تمرض، وهو ما يجنبها الإفراط في استهلاك السموم التي قد تحمل خطر الموت. ومن الطريف أن الجرذ الذي يأكل طعامًا مألوفًا وآخر جديدًا في الوجبة نفسها ويمرض على إثرها، فإنه يتجنب بعد ذلك الطعام الجديد وحدة. ويبدو كأنه يفترض أن الطعام المألوف سليم، وأن الطعام الجديد هو مصدر المرض.  وهكذا يمتلك الجرذ طاقمًا من الآليات المتطورة لحل المشكلات التكيفية الخاصة بانتقاء الطعام.  *** *** *** أصبح الطعام واستهلاكه من المجازات شائعة الاستعمال. حيث تصبح القصص الطويلة "صعبة الابتلاع" والنثر المتقعر "صعب الهضم"، وضربة الحظ السعيدة "حلوة"، والكتاب الجديد "مثمر" والخيبة ال

يستحيل أن تنزل نفس النهر مرتين (مقاطع من كتاب: "التطور الخالق")

صورة
هنري بيرجسون هنري برجسون إني ألاحظ أولا أنني أنتقل من حال إلى حال، فأنا أشعر بالحر أو أحس البرد، وقد أكون مبتهجًا أو حزينًا، وقد أعمل أو لا أقوم بعمل ما، وألاحظ ما يحيط بي أو أفكر في شيء آخر، فالإحساسات والعواطف والإرادات والتصورات هي التغيرات التي تتقاسم وجودي، والتي تلونه كل منها بلون خاص واحدة بعد أخرى. فأنا إذن في تغير مستمر، بل ليس هذا القول كافيًا فإن التغير أكثر أصالة مما عسى يظن المرء في الوهلة الأولى.  وحقيقة أني أتحدث عن حالة من حالاتي، كما لو كانت حالة واحدة، نعم إنني أتغير، غير أن التغير لا يعدو أن يكون انتقالا من حالة إلى تلك التي تليها؛ ويحلو لي، فيما يتعلق بكل حالة على حدة، أن أعتقد أنها تظل على ما هي عليه طيلة الوقت التي تحدث فيه. ومع هذا، فإن مجهودًا ضئيلا من الانتباه أبذله ربما كشف لي أنه ما من وجدان، وما من تصور، وما من إرادة إلا وتتغير في كل لحظة، ولو أن حالة نفسية ما توقفت عن التغير لتوقف زمنها عن الجريان. فلنأخذ أشد الحالات الداخلية ثباتًا، وهي الإدراك البصري لموضوع خارجي ثابت. فمهما ظل هذا الموضوع هو بعينه، ومهما لاحظته من جانب بعينه، ومن نفس الزاوية

عن حياة لدفيغ فتجنشتين (مقتطفات)

صورة
ويروي رسل عنه هذه الرواية التي تعبر عن عدم استقراره في إحدى فترات حياته فيقول إن فتجنشتين جاءه بعد نهاية الفترة الدراسية الأولى التي قضاها في كمبردج وسأله "أرجو ان تخبرني إن كنت غبيًا" فأجبته: "إنني لا أعرف لماذا تسألني"، فقال: "لأنني إذا كنت غبيًا فسأصبح ملاحًا جويًا، وإذا لم أكن غبيًا فسأصبح فيلسوفًا" حينئذ طلبت إليه أن يكتب لي شيئًا أثناء العطلة حول أي موضوع فلسفي وسوف أخبره عندئذ ما إذا كان غبيًا أم لا، ومع بداية الفترة الدراسية التالية أحضر لي ما طلبته منه، وبعد أن قرأت جملة واحدة منه قلت له: "لا، يجب عليك ألا تصبح ملاحًا جويًا". *** ***  *** ويعبر فون رايت عن هذا المعنى أيضًا بقوله: "إن فتجنشتين كان رجلًا غير عادي، فهو بلا شك كان يقف متميزًا عن كل من حوله. وقد يكون قولنا بأنه كان يعيش على حافة المرض العقلي، أقرب إلي الصدق – ولقد ظل الخوف من الوصول إلى حافة المرض ملازمًا له طوال حياته". وهو في هذا قريب الشبه بالفيلسوف الألماني نيتشه الذي ظل خوفه من الجنون ملازمًا له حتى أصيب به بالفعل في أواخر سني حياته. إلا أن

بورخيس: أتعجب إن كانت كتاباتي تحمل أية حداثة (مقتطفات)

صورة
Jorge Luis Borges حوار: دانيل بورن، وستيفن كاب ترجمة: محمد هاشم عبد السلام دانيل بورن: أنت بالطابع كاتب نهم القراءة. هل يمكن أن تعطينا فكرة عامة عن كيف أن عملك كأمين مكتبة وتذوقك المتخصص في الكتب القديمة أو النادرة قد ساعدك في كتابتك فيما يخص حداثتها؟ بورخيس: أتعجب إن كانت كتاباتي تحمل أي حداثة، أعتبر نفسي منتميًا بالأساس إلى القرن التاسع عشر. أنا ولدت في نهايته، فقط في السنة الأخيرة من القرن 1899. وأيضًا انحسرت قراءاتي في نطاق ضيق –حسنًا، قرأت أيضًا الكتاب المعاصرين- لكنني نشأت على ديكنز والإنجيل، ومارك توين. بالطبع أنا مهتم بالماضي ربما كان أحد أسباب ذلك أننا لا يمكن أن نغير الماضي أو نعيد صياغته. أعني أنك بمقدورك بالكاد تغيير الحاضر لكن الماضي برغم كل شيء هو مجرد شريط الذكريات، أو الأحلام. أظنك تعرف أن الماضي الخاص بي يبدو متغيرًا باستمرار عندما أتذكره، أو عندما أقرأ الأشياء الممتعة بالنسبة لي. أعتقد أنني مدين بالفضل لعديد من الكتاب، ربما الكتاب الذين قرأت لهم أو الذين كانوا بالفعل جزءًا لا يتجزأ من لغتهم، جزءًا من تقاليدهم. اللغة هي في حد ذاتها تقليد. *

الفاكهة المحرمة

صورة
بول كيرتز إن السلوك الأخلاقي العليائي الديني يدعو إلى الوصايا المطلقة المستمدة من الرب، ولكن هذه في الغالب ليست أكثر من إنعكاس لما هو سائد في التراث السلوكي لشعب ما. على العكس من ذلك فإن علم الأخلاق الفلسفي هو سعي لإيجاد بعض الأساس العقلاني للسلوك. ثمة اختلاف مميز بين هذين السبيلين نحو السلوك: الأول يعرض مجموعة من المطلقات التي لا تقبل الجدل للإرشاد نحو السلوك، ويأخذ الثاني هذه الأشياء كونها معلومات للتأمل فيها وتحليلها وتعديلها. عندما ينشغل الفلاسفة في البحث الأخلاقي ويفكرون عميقًا في القيم الأخلاقية، يبدأ الاستبداديون بالشعور بالضيق؛ عندما يشير الشكوكيون أن في دراسة السلوك الأخلاقي ثمة غالبًا الصراع بين الحقوق والواجبات والقيم، وأن ما هو حري به أن يقوم هو يمكن أن يقرر فقط بالرجوع إلى المواقف الملموسة، فإن نقادهم يشجبون "علم أخلاق المواقف". إنهم يدعون إلى معاييرهم الأخلاقية الثابتة ويصرون أن من غير الحقائق الخالدة تكون الأخلاق خادعة... ... إنني لا أقصد إدانة كل شيء حول أنظمة السلوك الأخلاقي الدينية. ففي أفضل الأحوال، ألهمت الأخلاقية الدينية الولاء لل

المعرفة والسياسة

صورة
غلاف كتاب:  النص والسلطة والحقيقة نصر حامد أبو زيد لقد أثبتت التجربة أن "التعليم" وإصدار "صحيفة" أو "مجلة"، أو المساهمة في نشاط حزبي محاصر – كما هو الحال الآن في العالم العربي – ليس كافيًا، رغم أهمية التعليم والصحيفة والمجلة والحزب. إنه ليس كافيًا في سياق الشروط الراهنة التي تجعل من السهل تغيير نظام التعليم، ومن السهل إغلاق الصحيفة وإلغاء تصريح إصدار المجلة، ومحاصرة نشاط الحزب. ومعنى ذلك أنه لا بد من تغيير الشروط الراهنة، وعلى رأسها الخروج من عنق الزجاجة المتمثل في حكم النخب العسكرية أو القبلية أو الطائفية المستندة إلى حقوق الوراثة المرتكزة على مبدأي "القوة" و"القهر"، لا البوليسية وحدها، بل وسائل القهر الثقافية المتمثلة في السيطرة التامة على التعليم – خاصة الجامعات- وفي السيطرة التامة على أجهزة الإعلام من إذاعة مسموعة ومرئية ومن صحافة إعلامية متخصصة. لا بد من كسر احتكار السلطة، واحتكار ما يمثل أدوات صنع الوعي وصياغة الذاكرة على مستوى كل شعب من الشعوب العربية، وعلى مستوى الأمة كلها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالنضال من أجل إقر

قفص الحريم (مقتطفات)

صورة
غلاف الطبعة الإنجليزية وهناك تعبيير آخر هو "إن شاء الله" ولكنه أصبح يختلف عن معناه الحرفي. وبسبب الاستعمال المتكرر للكلمة أصبح الكثير من الناس لا يستخدمونها بالمعنى الإيجابي لها. وهناك مثال يوضح الارتباط بينه وبين الوقت عند المصريين، فذات مرة طلبت من سائق التاكسي أن ينتظرني حتى أنتهي من إجراء تعامل بنكي، فرد أنه سيعود إلى بعد عشر دقائق إن شاء الله، ولكن كانت هذه طريقة مهذبة ليقول إنه لن يعود. عند التخطيط لعقد اجتماع في العالم العربي فإن غير العرب لا يهتمون بموقف العرب من الوقت. يتساءل بعض منا نحن الغربيين في إحباط إن كان الاجتماع سيبدأ في الموعد المحدد، وتكون الإجابة نعم إن شاء الله، ولكن قد يعني ذلك أنه لن يبدأ في الموعد المحدد، وعندما يستخدم محفوظ هذه التعبيرات في رواياته فإننا نفهم المعنى المقصود في تلك الثقافة بدلا من المعنى الحرفي. *** *** ***

السجن

صورة
هنا بلغت أعلى مراحل الاستحباس. أعني أن يعيش المرء حياة السجن كأنه يعيش في بيته، أن يطور خصوصية وحرية وهو في ذلك المعزل المخصص لحرمانه من الحرية والخصوصية، أن ينجح في ترويض الوحش الذي وضع في القفص كي يفتك به. علمًا أن الوحش فتك بكثيرين منا فعلًا، وكنا في القفص نفسه.  الاستحباس يلخص تجربتي الشخصية في السجن، روضته بأن روضت نفسي له. وانحبست جيدًا بأن استحبست.  مقطع من: قراءات الصبر/ ياسين الحاج صالح مجلة عالم الكتب مارس/ أبريل 2015 ع86/87 *** *** ***      أكرر أن المستوى لم يكن مهمًا، والمهم أنها كانت -الأنشطة الثقافية- ضرورة وجزءًا أساسيًا من أي حبسة. وفي حبسة سجن طرة عام 1980 التي دامت عدة شهور عقدت كمية هائلة من الندوات والمناقشات، فقد انتزعنا حقنا في تخصيص زنزانة ذات حجم لا بأس به للندوات، وعندما يزداد العدد كنا ننقل اللقاء إلى باحة العنبر.  في تلك الحبسة تحديدًا، كان مستوى الندوات محترمًا حول نمط الإنتاج الأسيوي مثلا، أو طبيعة السلطة، أو مطالب الحد الأدنى أو ما شابه، وهي أمور كنا نأخذها بجدية شديدة، بل وفي أحيان قليلة كنا نشتبك في معارك حقيقية بشأنها. ف

مقطعين من كتاب الصانع لبورخيس

صورة
غلاف الكتاب وتضيف القصة أنه قبل موته أو بعده وجد نفسه أمام الرب، وقال: “أنا الذي كنت عدة أشخاص بلا طائل، أريد أن أكون شخصًا واحدًا، أنا نفسي". أجاب صوت الرب من زوبعة: “أنا نفسي لم أكن نفسي، فقد كنت أحلم بالعالم، كما كنت تحلم أنت بعملك، يا شكسبيري، وبين صور أحلامي تكمن أنت الذي كنت، مثلي، كثيرين ولا أحدًا"  (من نص: كل شيء ولا شيء) *** ***  ***  في الأحلام – كما يقول كوليرج – تمثل الصور الأحسايس التي نتصور أنها تبعثها: أي أننا لا نشعر بالرعب لأن أبا هول ما يهددنا، بل نحلم بأبي الهول لكي نفسر الرعب الذي نشعر به.  (من نص: راغنا روك)

رأس الحكمة

صورة
By: Henrik Nilsson ولأن البوم يمتلك رأسًا تشبه رأس الإنسان، فإننا نشير له ب"الطائر العجوز الحكيم". في الحقيقة لا يضاهي طائر البومة حكمة الغراب أو الببغاء، لكننا نحسبه حكيمًا لأنه ببساطة يشبهنا من الخارج. المقطع مقتطف من:  البومة: التاريخ الطبيعي والثقافي ديزموند موريس ترجمة: عزيز صبحي جابر مراجعة: د. أحمد خريس هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)، 2010