المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف مقتطفات

بورخيس: أستاذ من مونتريال

صورة
بورخيس حوار: دون بيل ترجمة: محمد هاشم عبد السلام دون بيل : من المحير نوعًا أنك لم تكتب شيئًا يزيد عن عشر أو اثنتي عشرة صفحة، رصيدك الذي تطلق عليه "قصيصات (ficciones)، أو قصصًا، هل يختلف عن القصة القصيرة؟ كيف تصف القصيصات؟ بورخس: أعتقد أنني سأصفها كقصة قصيرة، نعم. لكن فيما يتعلق بكتابتي للنصوص القصيرة. يمكنني اعطاؤك سببين الأول هو كسلي المنيع الذي لا يقهر، والثاني هو أنني مغرم دائمًا بالقصص القصيرة، ودائمًا ما تعترضني بعض المشاكل في إتمام قراءة رواية باستثناء حالة بعض الكتب، مثل حسنًا، "أوراق بيكويك"، "الفنلندي هوكليبيري"، "دون كيخوتة"، "لورد جيم لكونراد"، وأمثال ذلك. إضافة إلى أنني مهتم جدًا "بكيبلينج"، واكتشفت أنه في نهاية حياته كان قادرًا على العودة إلى القصة القصيرة، كالعديد من الناس، أو في الحقيقة أكثر مما يكون عليه الأمر بالنسبة للرواية. وأعتقد أني ربما سأجرب يدي مستعينًا بهذه الحيلة، كتابة مجموعة من القصص القصيرة بعناية شديدة. على الرغم من أنني كسول جدًا عندما أكتب، إلا أنني لست بهذا الكسل عندما أفكر ف

خطايا صغيرة

صورة
أذكر أنني قرأت منذ سنين قصة من أكثر قصص تشيكوف تميزًا، قصة لا أستطيع أن أجدها الآن، ولكنها لا بد أن تكون قصة مبكرة [...] في أحد الليالي المطيرة ذهب شاب لزيارة عشيقته. وهي امرأة متزوجة غالبًا ما يتغيب زوجها، وبعد أن جعل التاكسي ينصرف يفتح له الزوج، مما يرعبه، ويقدم بعض الاعتذارات، ويقف في الخارج بائسًا تحت المطر ممسكًا بباقة الزهور التي أحضرها. وأخيرًا، ولكي يحتمي من المطر، تقدم إلى الباب مرة أخرى متظاهرًا بأنه رسول من تاجر الزهور وفي تلك اللحظة تخرج الزوجة من حجرة النوم، وتصيح قائلة أنها كانت في انتظاره. وبعد أن يقوم بزيارته يخرج من جديد مارًا بالزوج، وهو في حالة تزيد عن حرجة في أي وقت آخر.  لكأننا بالنسبة إلى ثلاثة أرباع القصة نقرأ بوكاشو أو موباسان، وننتظر بسرور بالغ الخدعة التي سيتغلب بها العاشق أو العشيقة على الزوج المخدوع الغيور. ولكن كأنما ألقى تشيكوف فجأة بيده فيها ورفض أن يستمر في اللعب. لا، إن الزوج ليس غيورًا، والزوجة ليست محرجة. إن العاشق هو الذي ينصرف ببرغوث في أذنه لأنه رجل عادي وساذج، حقًا إنه لم ينظر أبدًا إلى الخيانة الزوجية بهذه الطريقة. إن تشيكوف لم يهاجم ال

عن موت القصة والرواية

صورة
غلاف إحدى طبعات الكتااب الإنجليزية لقد قيل لنا أن الرواية ماتت. وأنا على يقين أن بعضهم قد قال نفس الكلام بالنسبة للقصة القصيرة. وأخشى أن هذا القول غير ناضج. وأنا أكثر استعدادًا لقبول القول بأن الشعر والمسرح قد ماتا. ويجب ألا أكون شديد التحمس حتى فيما يتصل بهذا، ولكن ينبغي أن أكون مستعدًا للتسليم بأنهم لما كانا فنين بدائيين فإن قضيتهما محتاجة إلى دفاع. غير أن الرواية والقصة القصيرة تطوير جذري لقالب فني بدائي ليتفق مع الحياة الحديثة، ليتفق مع الطباعة والعلم والديانات الخاصة. ولا أدري أية إمكانية أو سبب لحلول شيء محلهما، إلا إذا حدث تحول عام في الثقافة، وحلت محلها حضارة الدهماء. وأفترض أنه لو حدث هذا فسنضطر جميعًا إلى الذهاب إلى الأديرة، أو إذا لم تسمح حضارة الدهماء فإلى سراديب الموتى وإلى الكهوف. ولدي إحساس بأنه حتى هناك سيرى أكثر من عابد قابضًا على نسخة بالية من رواية "كبرياء وتحامل"، أو على "القصص القصيرة لأنطون تشيخوف".  مقطع من:  الصوت المنفرد: مقالات في القصة القصيرة فرانك أوكونور ترجمة: محمود الربيعي القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993

اصطدام

صورة
فإذا ما اخترق غلاف الأرض الجوي أحد الكويكبات بسرعة تبلغ عشرين كيلو مترًا في الثانية (72000 كيلو مترًا في الساعة) فسيصل سطح الأرض بعد ثوان من الاختراق، هنا سيسمع صوت اصطدامه كفرقعة هائلة -فرقعة إذا ما قورنت بفرقعة انفجار قنبلة هيدروجينية فستكون مثل ثورة بركان سانت هيلين مقارنة بصوت إطلاق بندقية أطفال -صوت هو أبعد بكثير جدّا من كل ما خبره البشر على الإطلاق. سيحمل الصوت كحشد من الأمواج الصاخبة، وستعم الزلازل أرجاء الأرض جميعًا. ولو سقط الجسم في البحر، فستنطلق الأمواج عبر المحيطات بسرعة مئات الكيلومترات في الساعة، لتشكل حوائط هائلة من الماء – قد يصل ارتفاعها إلى مائة متر- تكتسح شواطئ القارات. ولو أنه سقط على اليابسة إذن لأحدث حفرة ربما بلغ اتساع فوهتها 200 كيلومتر، لتنثر مادة الأرض تدريجيا – على مدى فترة طويلة- إلى الغلاف الجوي، ثم تسقط كغبار على الأرض. كما أن مرور جسم غني بالطاقة خلال الغلاف الجوي سيسبب تفاعلات كيماوية في الهواء نفسه، كما قد تحدث تفاعلات كيماوية عقب انتثار الغبار، وربما انبثقت الصخور المصهورة من تحت قشرة الأرض عن البراكين الثائرة بسبب هذه الهزة العنيفة. 

الديناصور

صورة
كان السير ريتشارد أوين – الإنجليزي عالم التشريح والحيوان- هو من صاغ في عام 1841 اسمًا لهذه الرتبة من الحيوانات، فضم الكلمتين اليونانيتين: دينوص (وتعني الرهيبة)، وصورص (وتعني السحلية) في كلمة واحدة هي دينوصور. حسنًا، لقد أعطينا هذه الجثث الاسم، ولكن هل عرفنا هويتها؟  كان الناس على مر التاريخ يعثرون على ما يبدو عظامًا ماردة، وكانت هذه العظام تفسر -فلابد من تفسير لها- على أنها بقايا مردة. كانوا يعتقدون أن سلالات عملاقة من البشر -أم نقول من شبيهات البشر- كانت تعمر الأرض من زمن طويل، يصاحبها أشكال ماردة من الحيوانات الموجودة الآن. ثمة أحفورة شهيرة تعرفوا عليها – وتأكدوا منها على ما يبدو- كانت هي "غراب سيدنا نوح". ويبدو أننا لو عرفنا الحقيقة فسنجد أن كل أساطيرنا عن العمالقة وعن العمالقة من جنس البشر في المناطق الملائمة لحفظ الأحافير -إنما ترجع إلى اكتشاف مثل هذه العظام، بجانب آثار الأقدام المحفوظة هنا وهناك. فالعظام وآثار الأقدام لم تكن إذن تشكل أية صعوبات فلسفية للناس في العصور القديمة. لا ولم تسبب أية صعوبات لمعظم الناس في القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر؛

الرسم ليس صعبًا !

صورة
اللوحة لفرانك موريسون (Frank Morrison) [...] مدرسة للرسم بجامعة كاليفورنيا هي بيتي إدواردز. ففي عام 1979، نشرت إدواردز كتابً رائعًا بعنوان DRAWING ON THE RIGHT SIDE OF THE BRAIN (أو الرسم على الجانب الأيمن من المخ). رفضت إدواردز فكرة أن بعض الناس ببساطة ليست لديهم موهبة الرسم أو مهارات فنية، حيث قالت: "الرسم ليس صعبًا جدًا في الحقيقية، الرؤية هي المشكلة". وسر الرؤية - الرؤية الحقيقية- يكمن في تهدئة جانب المخ الأيسر المتعالم والنزاع إلى السيطرة، وبالتالي يتمكن جانب المخ الأيمن اللطيف الرقيق من إظهار سحره. ومع أن البعض قد اتهم بيتي إدوراد بالإفراط في تبسيط المسألة، إلا أن كتابها قد أصبح من الكتب الأكثر مبيعًا، وجزءًا لا يتجزء من مناهج تدريس الفن. المقطع من كتاب:  عقل كامل جديد: لماذا سيحكم المبدعون المستقبل دانيال اتش. بينك الرياض: مكتبة جرير 2010 ____________________ اقرأ أيضًا:  *  مقتطفات من كتاب "المخ الجديد" لريتشارد ريستاك *  المخ والأحلام (مقتطفات)

الهزات الحضارية

صورة
غلاف الطبعة الإنجليزية إن الهزات الحضارية التي تحدث بصورة منتظمة في تاريخ الفن والأدب والفكر هي أقرب ما تكون إلى الهزات الزلزالية التي يمكن تقسيمها ثلاث أنواع رئيسية: النوع الأول: هو ما يمكن تسميته بالهزات البسيطة (Tremors) التي تتعلق بالمودة أو "التقليعة" التي غالبًا ما تأتي بها الأجيال المتعاقبة. تستمر "التقليعة" مدة لا تزيد عن عشر سنوات. والنوع الثاني من الهزات هو ما يمكن نعته بالإزاحات الكبيرة (Displacements) التي تمتاز بالتحولات العميقة والواسعة التي تخلفها وراءها وغالبًا ما يستمر تأثيرها مدة طويلة تقاس بالقرون. والنوع الثالث هو ذلك النوع المدمر الكاسح (Cataclysm) الذي يقوض ساحات واسعة من البناء الحضاري والفكري ويترك أكوامًا من الأنقاض (التي نعلل النفس بنعتها ب"الأطلال النبيلة") تستثير الهمم لبناء بديل. هناك حقيقة لا يمكن التغاضي عنها وهي أن القرن العشرين جاء بنوع جديد من الفن، وما هدف هذا الكتاب إلا محاولة إماطة اللثام عن بعض الخصائص الحاسمة لهذا الفن. إننا نعتقد بأن هذا الفن الجديد جاء نتيجة لهذا النوع من الهزات الكاسحة (Cataclysmic order) أو ر

حصان سباق في عالم بلا حلبات سباق (مقاطع)

صورة
سيلفيا بلاث في عام 1957 أصابني الصمت بالكآبة. لم يكن صمتَ الصمتِ. كان صمتي أنا.  أدركت تمامًا أن السيارات كانت تحدثُ ضحيجًا، وأن الناس الذين بداخلها، والذين خلف نوافذ البنايات المضاءة، يحدثون ضجيجًا أيضًا، لكني لم أسمع شيئًا. كانت المدينة معلقة بنافذتي، منبسطة كملصق إعلاني تلمعُ وتومضُ، ولعلها لم تكن هناك أصلا، رغم الأشياء الجيدة التي أنعمت بها عليّ.  *** *** *** كان الشيء الوحيد الذي أتقنه هو الفوز بالجوائز والمنح الدراسية، وكانت تلك الفترة على وشك الانتهاء. 

مقتطفات من كتاب موت الناقد

صورة
غلاف الطبعة الإنجليزية من كتاب موت الناقد تأليف: رونان ماكدونالد ترجمة: فخري صالح (من: المقدمة) بهذا المعنى، يبدو أن زمن الناقد، بوصفه الحكم الفيصل الذي يحدد ذائقة الجمهور ويقرر ما يستهلكه ذلك الجمهور على الصعيد الثقافي، قد ولى. كما أن موضع الناقد في حقول الفنون المختلفة أصبح أضعف بكثير مما كان عليه في الخمسينيات والستينيات. ما زال هناك بالطبع نقاد موهوبون واسعو المعرفة، في المسرح والفن والسينما، وكثيرٌ منهم يكتب في الصحف والمجلات، وبعضهم يعمل في الجامعات ويصدر أعمالًا أكاديمية قيّمة.  هناك أيضًا وسائل عديدة يصعب حصرها تهتم بنشر النقد في الإعلام الورقي المطبوع والفضاء الافتراضي. لكن دور الناقد تقلص بعد الذروة التي وصلها نقاد مثل كينث تاينان Kenneth Tynan، أو كليمينت غرينبريغ Clement Greenberg، أو بولين كيلي Pauline Kael. لربما يكون الناقد قد مات لأن جدنا الطاعن في السن تايم Time في رواية جود الغامض Jude the Obscure يقول لنا: "إننا كثيرون". فعندما ترتفع أصوات نقدية كثيرة فإن من غير المستغرب ألا يسمع منها إلا القليل وسط الضجيج.  يحتل الناقد، دون أي شك،

ابن سناء الملك (مختارات)

صورة
"افعل دائماً ما أنت خائف أن تفعل" اللوحة لإيفرت باربي من  موقعه ابن سناء الملك حكيتَ جسمي نحولا فهل تعشقتَ حسنك وكان جفنُك مضنًى  فصرتَ كلك جفنك وزادك السقمُ حسنًا والله إنك إنك *** *** *** أخذتَ فؤادي حينَ سرتَ ولمْ أكُنْ أُسَّرُّ - إذا ما غبتَ عني - لقرْبِه ولا أدَّعي أني ذكرْتُكَ ساعةً وهل يذكرُ الإنسانُ إلا بقلبه؟! *** *** *** وأَملى عتابًا يُستطابُ فليتني ... أطلتُ ذنوبي كي يطولَ عتابه *** *** *** وغانيةٍ  لم تَعْدُ عشرين حِجةٍ أقولُ لها قولًا لديه ثَوابُ عليكِ زكاةً فاجعليها وصالَنا لأنَّكِ في العشرينَ وهْيَ نِصابُ وما طَلَبي إلا قَبولٌ وقُبلةُ وما أربي إلا  رضًا ورُضابُ  *** *** ***

منذ اختراع السجون (مقتطفات)

صورة
غلاف رواية نصف الرجل امرأة منذ اختراع السجون، لم تولد فكرة أكثر ذكاءً من استخدام السجناء لحراسة سجناء آخرين.  *** *** *** في إحدى المرات كان تسنى لزمرة العمال مشاهدة فيلم "لينين في أكتوبر" ومن المشاهد التي انطبعت في ذاكرتهم ذلك الذي يصور فاسيلي وهو يطبع على فم زوجته قبله الوداع: "إذًا فعليك أن تمسك الوجه بهذه الطريقة وتمضغ!"  "هل سبق لك أن مضغت زوجتك. ها. ها! هل مضغتها. أخبرنا هيا. أخبرنا وسنكون متساهلين معك".  كان السجناء يذكرون جيدًا مصطلحات عملية الاستجواب وكانت هذه المصطلحات تخرج تلقائيًا من أفواههم.  "ماذا، أمضغ ذلك الوجه المقيت؟ ما إن ودعتها حتى وليت هاربًا نحو الجهة الغربية من النهر ..." كانوا يرفضون تقبيل وجه مقيت لكن أجزاء الجسد الأخرى ألم تكن قذرة بنظرهم؟ إن الحب تعبير عن الثقافة. في مكان مجرد من الثقافة وفي إنسان يفتقدها يزول كل صفاء الحب الرقيق ولا يبقى سوى ذلك التوق الجسدي البدائي.  *** *** *** الحب الطاهر، الخوف وارتعاشة الحب الأول، الشذا والعبير، توهمات الغرام، أين أضحت كلها اليوم؟ ل

من كتاب صحرائي الكبرى لإبراهيم الكوني (مقتطفات)

صورة
غلاف الكتاب "قال المكابر أن الميلاد الأول حدث بفعل تصادم الأضداد (إمبيدوقليس) فلماذا لا يتمخض المنفى ليلد أرض الميعاد؟ ولماذا لا يجود التيه بنقيضه الفردوس؟ فإذا سلمنا بأن ما لم يكن أبدًا هو الكائن الذي يستحق الخلود، هو الكائن الذي سيكون إلى الأبد (شيللر)، فكيف لا يصير عراء العدم جنة للعالمين؟ إذا سلمنا بأن الوجود ألم، والموت عدم (ثيوفراست) فلماذا لا يجد صيغة وسطى، صيغة مُثلى، توفق النقيضين؟ أليست الصحراء حدَّا أدنى من الوجود؟ ألا تقع الصحراء في مسافة أقرب إلى مملكة العدم؟ أليست العزلة أول شروطها ؟ أولم يقل القدماء أن العزلة هي قبر الكائن الحي؟ أليست الصحراء برزخًا يقوم بين الوجع الناتج عن الوجود، والسلام الناجم عن النهاية؟ ألا تعطى الصحراء الحرية بلا حدود، وفي نفس الوقت، تضع العابر، تضع المريد، في حافة الخطر؟ أليست مملكة الصحراء، من خلال هذه الأضداد، رديفًا صارمًا لأعجوبة الحياة؟ ألم نختر العبور طلبًا لأرض الميعاد؟ ألم نتخل نحن أهل العزلة، عن الحياة طمعًا في حياة أخرى وراء الحياة؟ " (صحرائي وطن، صحرائي استعارة) *** *** *** "فك

الإنسانيون الجدد (مقطع)

صورة
Horseman by: M.C. Escher كانت كلمة مذهب  "الإنسانية" في حوالي القرن الخامس عشر مرتبطة بفكرة فيها كل ثقافي واحد. كان النبيل الفلورنسي يعرف أن من المضحك أن يكون قارئًا لدانتي ولكنه يتجاهل العلم. وكان ليوناردو فنانًا عظيمًا، وعالمًا عظيمًا، وتكنولوجيًا عظيمًا. أما مايكل أنجلو فكان حتى فنانًا ومهندسًا أعظم منه. كان هؤلاء الرجال مثقفين كليين عمالقة، وبالنسبة لهم، فإن فكرة أن يحتضن المرء مذهب الإنسانية بينما يبقى جاهلا بآخر الإنجازات العلمية والتكنولوجية، لهي فكرة غير مفهومة، حان الوقت الآن لنعيد تأسيس هذا التعريف الكلي.  مقطع من كتاب: الإنسانيون الجدد: العلم عند الحافة تحرير: جون بروكمان ترجمة: مصطفى إبراهيم فهمي

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

صورة
غلاف كتاب: المسرح الطليعي لكريستوفر آينز تأليف: كريستوفر آينز ترجمة: سامح فكري لقد أصبح مصطلح "الطليعة" Avant Garde مصطلحًا له حضوره الواسع حتى أنه بات يُلصق – وبشكل انتقائي- بأي نمط من أنماط الفن يناقض ما هو تقليدي من حيث الشكل؛ وفي أبسط معانيه يؤخذ المصطلح أحيانًا باعتباره وصفًا لما هو جديد في زمن ما –ذلك الجديد الذي يمثل أبعد حد يمكن أن تصل إليه التجربة الفنية، وهو الحد الذي يصبح موضع تقادم باستمرار بالنسبة إلى الخطوة التالية المجاوزة له. إلا أن مطلح "الطليعة" ليس مصطلحًا حياديًا من الوجهة القيمية كما يوحي الاستخدام السابق بذلك، فهو بالنسبة للنقاد الماركسيين من أمثال جورج لوكاش أصبح مرادفًا لذلك الانحطاط (decadence) الذي يعد عرضًا ثقافيًا لحالة الخمول الذي يتمخض عنها المجتمع البرجوازي؛ و"الطليعة" بالنسبة للمدافعين عنها والمتبنين لها هي الضرورة الحتمية في كل فنون عصرنا، ذلك أن "العبقرية الحديثة هي عبقرية طليعية في جوهرها". وكان "باكونين" هو من استعار هذه التسمية من المصطلح العسكري وجعلها عنوانًا لجريدة لم تستمر طويلً

مختارات من ديوان الشاعر والشيخ لحلمي سالم (2008)

صورة
Bond of Union BY: M.C. Escher بقلم: حلمي سالم (مقطع من قصيدة: عشش الترجمان) - لماذا يظلُّ الجمرُ حيَّا طوال طوفانٍ؟ - لأن الأشجار موهوبةٌ. - لماذا تقدم سيدةُ القطاراتِ كردانها لمنشدٍ زنديقٍ؟ - لأن الطبيعةَ أذكى من بني آدم.       عندئذٍ، تنقسم الموجوداتُ والمواجيدُ: الأفراسُ الجامحةُ في ضفةٍ، وأهلُ "ها هنا قاعدونَ" في ضفةٍ، وبين الضفتين الرجمُ والبلاغاتُ والسيوفُ وشيُّ جلد زريابَ سبعين شيةً سألت امرأةٌ تحت ثويها السبائكُ والثريا لماذا يزهر الياسمينُ على عشش الترجمان؟ أجاب رجلٌ يكتبُ النص بأسنانه على عصعوصةٍ: لأن رحمة الله واسعةٌ        *** *** ***       (مقاطع من قصيدة: المجزرُ الآلي) تدحرجَ الرمانُ، وتحت الثوب يسقط التمثالُ كي تقومَ مئاتُ التماثيل الوليدة، فهيا نعط أعضاءنا أسماء حركيةً: نسمي الخدَّ: جلجامش، ونسمي الرقبة: الشيعة، ونسمي السرة: الإبريقَ، ونسمي السمانةَ: رهين المحبسين، ونسمي العيونَ: العصف والريحان. بذا نضلل الجواسيس عن لحظة القبلة، ونضلل الأزهرَ عن سرير الأخضر بن يوسف، ونضلل اللواءا

مقتطفات من حلمي سالم

صورة
غلاف الأعمال الكاملة لحلمي سالم صادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ، القاهرة 2014 (المتصوِّف) محترفُ حصارتٍ لو مرّت سَنَةٌ من غير حصارٍ أرتابُ وأسألُ: هل صِرتُ دجينًا لا يُقلقُ أحدًا؟ محترفُ حصارتٍ من أيلولَ إلى تل الزعتر والفكهاني وطرابلس ورام الله، جسدي جُهِّز لملاءمة الأقفاصِ  وروحي تنضحُ بتراجيديا السائرِ للحتفْ أنا محترفُ حصارتٍ لو مرّت سَنَةٌ من غير حصارٍ أرتابُ وأسأل: هل صرتُ الراضي بالحسناتِ        القانع بالسقفْ؟

المخ والأحلام (مقتطفات)

صورة
he Dragons of Eden:  Speculations on the Evolution of Human Intelligence  هناك ما يدل على أن نوعي النوم (الأحلام أو بدون أحلام) يعتمد على أسلوب حياة الحيوان. فوفقًا لما وجده ترويت أليسون Truett alison  ودومينيك سيشتي Dominic ciccheti من جامعة ييل yale فإن الحيوانات المفترسة تحلم أكثر من الفريسة التي تنام في العادة نومًا بلا أحلام. وتنطبق هذه الدراسات على الثدييات. وفي النوم المصاحب بالأحلام لا يستجيب الحيوان للمؤثرات الخارجية، أما النوم غير المصحوب بالأحلام، فإنه أكثر سطحية. ولكن لماذا النوم؟ لماذا ظهرت خاصية النوم العميق جدًا؟  ...   يطاردني دائمًا حلم رأيته يومًا ما. أحلم بأنني أقلب صفحات مجلد ضخم للتاريخ، وأنني ألاحظ أن هذا العمل يمر ببطء خلال قرون العصر الكلاسيكي، والعصور الوسطى، والنهضة وهكذا .. حتى العصر الحديث. عندما وصلت إلى الحرب العظمي الثانية بقي لدي مائتي صفحة. وبدأت أدرس الكتاب بعمق وبحماس بالغ حتى وصلت إلى ما بعد زمننا هذا،  فقد كان كتاب التاريخ هذا يحتوي على المستقبل، وكأنني أقلب صفحة 31 ديسمبر في التقويم الكوني، ووجدت وصفًا تفصيليًا ليوم 1 يناير. حاولت

ثقافة القرود (مقتطفات)

صورة
تعتمد أغلب الكائنات الحية على الأرض على معلومات زرعت في جهازها العصبي أكثر جدًا من المعلومات المكتسبة من خارج خواصها الوراثية. أما عند الإنسان، بل عند جميع الحيوانات الثديية، فالعكس هو الوارد. فبينما تتحكم العوامل الوراثية في العديد من خواصنا، فإن لدينا فرصة تتيحها عقولنا لنكتسب خواصًا سلوكية في فترة صغيرة، بل إن جنسنا قد تمكن في فترة صغيرة جدًا من حياته من اختراع طرق لتخزين المعلومات خارج الجسم، لعل أهمها الكتابة.     إن مدة التطور (أو التغير الوراثي) طويلة جدًا، ففترة التغير من نوع إلى آخر قد تستغرق مئات الألوف من السنين، وكثيرًا ما ينتج بعد كل فترة اختلاف ضئيل بين الأنواع (النمور والأسود مثلا). وكمثال للتطور الحديث في جنسنا البشري، يمكننا أن نتذكر ما حدث للأصبع الكبير في القدم، فإن له أهمية في حفظ التوازن، أما الأصابع الأخرى فلا قيمة تذكر لها. ولكنها تتطورت من أصابع مخصصة للقبض على فروع الأشجار، كما تفعل القردة، وقد تطورت أصابع أقدام الغوريلا (التي لا تتسلق الأشجار) إلى ما يشبه أصابع الإنسان.       ولكننا لا نحتاج الآن إلى ملايين السنين لنتطور، فنحن نعيش في عالم يتغير بس

عن الكتاب الأحمر لكارل جوستاف يونغ (مقتطفات)

صورة
مقاطع من تقديم: الكتاب الأحمر لكارل جوستاف يونغ      بقلم سونو شامداساني         غلاف الطبعة الإنجليزية كان لدى يونغ أيضًا إحساس بأنه يعيش في قرنين من الزمن، وشعر بحنين قوي للقرن الثامن عشر. واتخذ هذا الإحساس بالثنائية شكل شخصيتين متناوبتين، لقبهما الشخصية 1 والشخصية 2. كانت الشخصية 1 عبارة عن تلميذ المدرسة الذي قرأ الروايات في مدينة بازل بينما تقوم الشخصية 2 بتأملاتها الدينية في عزلة، في حالة من التوحد مع الطبيعة والكون. لقد أقامت في "عالم الله". وبدت هذه الشخصية أنها الأكثر أصالة. وقد رغبت الشخصية 1 بالتحرر من سوداوية الشخصية 2 وعزلتها. وعندما دخلت الشخصية 2، شعر كما لو أن روحًا ميتة منذ زمن بعيد، لكنها حاضرة أبدًا، قد دخلت الغرفة. لم يكن لدى الشخصية 2 صفات محددة. كانت متصلة بالتاريخ، وبالعصور الوسطى بشكل خاص. بالنسبة إلى الشخصية 2 كانت الشخصية 1 بفشلها وخرقها، شخصية يجب تحملها.       لقد دام هذا التبادل طوال حياة يونغ. كان يظن أننا جميعًا على هذه الحال –جزء منا يعيش في الحاضر، والجزء الآخر مرتبط بالقرون الغابرة.           

مقاطع من كتاب حكايات الخوارق

صورة
غلاف الطبعة الإنجليزية تتنوع الصياغات التي تحكي عن سيندريلا وتتعدد ألوانها، حتى اسم البطلة يختلف فيه، ليس من بلد لآخر، بل أيضًا في البلد نفسه، ويبدو أن هناك ثلاثة أنماط أساسية للحكاية، الأساسي منها والأكثر شيوعًا، هو ما يتضمن الموضوعات أو الأفكار الشائعة والمألوفة، من موت الأم، والزواج الثاني للأب، ووجود زوجة الأب الشريرة، والأختان غير الشقيقتين، ثم اضهاد البطلة، ودفعها لحياة مليئة بالأسى والحزن، تعيش في أسمال بالية من خشن الثياب، ثم تظهر القوى الخارقة لمساعدتها على البقاء على الحياة، وتدعيمها في حياتها وحظها العسر،  ثم تهديها العناصر الخارقة نفسها ثيابها العجيبة، وتساعدها لحضور الحفل الراقص، أو مقابلة الأمير في مهرجان، أو مع تأثير المسيحية في الكنيسة. يتقابلان (البطلة والأمير) ويعجب كل منهما بالآخر، ويفترقان ثلاث مرات، ويتحدان في النهاية عن طريق واحد من عناصر التعارف، مثل الخف، أو الخاتم، وثياب الفخر تصبح ثياب الزفاف، ويعيشان في سعادة مطلقة.    أما المجموعة الثانية من الصياغات، فهي مجموعة (الملك لير)، تحكي عن ملك له ثلاث بنات، يقرر أن يتنازل عن العرش إرضاءً لهن، وفي إر