مختارات من ديوان الشاعر والشيخ لحلمي سالم (2008)




Bond of Union BY: M.C. Escher




بقلم: حلمي سالم


(مقطع من قصيدة: عشش الترجمان)

- لماذا يظلُّ الجمرُ حيَّا طوال طوفانٍ؟ - لأن الأشجار موهوبةٌ.
- لماذا تقدم سيدةُ القطاراتِ كردانها لمنشدٍ زنديقٍ؟
- لأن الطبيعةَ أذكى من بني آدم.

     
عندئذٍ، تنقسم الموجوداتُ والمواجيدُ:
الأفراسُ الجامحةُ في ضفةٍ،
وأهلُ "ها هنا قاعدونَ" في ضفةٍ،
وبين الضفتين الرجمُ والبلاغاتُ والسيوفُ
وشيُّ جلد زريابَ سبعين شيةً
سألت امرأةٌ تحت ثويها السبائكُ والثريا
لماذا يزهر الياسمينُ على عشش الترجمان؟
أجاب رجلٌ يكتبُ النص بأسنانه على عصعوصةٍ:
لأن رحمة الله واسعةٌ 

    
 *** *** ***
     

(مقاطع من قصيدة: المجزرُ الآلي)


تدحرجَ الرمانُ،
وتحت الثوب يسقط التمثالُ كي تقومَ مئاتُ
التماثيل الوليدة،
فهيا نعط أعضاءنا أسماء حركيةً:
نسمي الخدَّ: جلجامش،
ونسمي الرقبة: الشيعة،
ونسمي السرة: الإبريقَ،
ونسمي السمانةَ: رهين المحبسين،
ونسمي العيونَ: العصف والريحان.
بذا نضلل الجواسيس عن لحظة القبلة،
ونضلل الأزهرَ عن سرير الأخضر بن يوسف،
ونضلل اللواءاتِ عن مخابئ الذخيرة،
بينما نشيدنا الجماعيُّ يعلو كمارشٍ:

"جثم على القبة محتسبون
يكتسبون الدينارَ من القهر،
ومن حب الناس لخالقهم يكتسبون
ليس يؤرقهم جوعُ الجوعان،
وليس يؤرقهم محتكرُ الصلبِ ومحتكرُ العمرانِ،
وليس يؤرقهم موتُ الشبان على شطآن البلدانِ،
ولكن في وجه النبض الحر يهبون
في أيديهم طاساتُ القطران الأسودِ،
فيجولون يرشون القطران الأسود في وجه المارةِ
ويصبون
إن سرق السفاح الشعب فلا جرمَ،
ولكن إن قبل محبوبٌ محبوبته ينتفضون وينتصبون
ينتسب السلطان الجائر لعمامتهم،
وهمو للسلطان الجائر ينتسبون
مكتب توكيلاتٍ لله على الأرضِ،
وربُّ الدنيا ليس له في الدنيا سمسارٌ
أو بيعٌ وشراءٌ وعمولاتٌ وزبون
جثم على القبة محتسبونْ."


تدحرج الرمانُ،
وينبغي علينا أن نشير إلى عناصر الجدارية
إشاراتٍ مباشرةً:
الوجه الذي في الأعلى: جامعُ اللؤلؤ.
الدماءُ التي في الأسفلِ: الأقباطُ.
العظامُ على اليمينِ: السهرورديُّ؟
البركةُ على الشمالِ: مجلس الشعب.
السوادُ في المنتصف: جماعةُ الأمر بالمعروف.

تدحرج الرمانُ
لكن اختَ مصر
أسقطت قرطها في فنجانها المضبوط
فقلتُ لها: عيني عليكِ باردةٌ.
*** *** ***

(المرهم)

هذه رأسُ يوحنا المعمدانْ
رقصةٌ وسيافٌ وشهوةٌ وشمعدانْ
كان الهوى صعبَ المنالِ، دانْ.

الفارعاتُ ما الفارعاتُ
نضوتُ شدادةَ الصدرِ طابت برتقالتانِ،
نضوتُ الملاءاتِ أشرقت أهلةٌ خصيبةٌ
وملائكةٌ مدربون على حشو الذخيرة.
مسحتُ صفحة الظهرِ بالمرهم الموصوفِ
تجلى الأئمةُ الذين غطوا مؤخرات المعيزِ بالكتان
درءًا لافتتان المؤمنين وسدَّا للذرائع.
الفارعاتُ ما الفارعاتُ.

قالت بنتُ الأكرمين:
هل يليقُ بسيدةٍ جليلةٍ
أن تهوى الفتى الذي زغط البط وجس ضرع بقرةٍ؟
قالت بنتُ الأكرمين:
خلف مخدعي شيخٌ مرنته المخابراتُ
على اصطيادِ المحبين عند "نهضة مصر".
وعلمته التربص عند كل ناصيةٍ بالأسوياء،
ثم كافأته بالبرلمان.


الفارعاتُ ما الفارعاتُ.
فاضَ دمعٌ عزيزٌ فاحترقت مؤسساتٌ وانشقت
عمارتُ.
لا تحزني يا بنتَ الأكرمين:
ما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها،
ثم إنني سأكتب النص بأسناني على لوح الكتف،
سأكتبُ النص بأسناني على عصعوصةٍ:

"ليست مباهجنا سرابًا
خذ هذه شمسُ التباسِ اللغز باللغزِ،
اختزانُ مسرةٍ،
ثمرٌ يطيبُ وكان طابا
نعدُ الزمان بدفئه،
والمجهدين بكوةِ المعنى،
ونصنعُ من أغانيج الهوى للظامئين لنا شرابًا
يعِدون كل مليحةٍ بالسلخِ،
كل مهندسٍ بالمهل،
والعشاقَ بالقارِ الذي تطهوه ساقيةُ السعير،
يصنعونَ من العذوباتِ العذابا".


______________

اقرأ أيضًا:

* مقتطفات من حلمي سالم

* مختارات من ديوان الثناء على الضعف (2007) لحلمي سالم


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

فن الكم = Quantum art

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات