المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف مقالات

أسئلة الفأر في المتاهة

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) فأرٌ يُوضع في المتاهة للمرة الأولى، يتحسَّس طريقه بتشكُّك، يشمشم هنا وهناك، في الجو رائحةُ قطعة من الجُبن أو الشوكولاتة يريد أن يصل لها، في المتاهة أبوابٌ، عليه أن يتعرف كيف يفتحها ليصل إلى هدفه. مع الوقت يصبح الفأر متآلفًا مع المتاهة، في المرات التالية يسير إلى هدفه بسرعة أكبر، يفتح الأبواب بالطريقة التي تَعَلَّمَهَا في المرات السابقة ليصل. في هذه المتاهة يتحول السلوك الذي تَعَلَّمَهُ الفأر مع الوقت إلى روتين؛ سلوك مألوف تُعَزِّزه المكافأة التي تنتظره في النهاية. من كثرة ما قرأنا عن هذه التجربة لسنا في حاجة إلى التكلُّم عنها كثيرًا. غرض التجربة هو معرفة كيف يعمل العقل؛ في البداية يبذل الفأر مجهودًا عقليًّا كبيرًا لاستكشاف المتاهة، ثم مع الوقت يتحول سلوكه إلى سلوك روتيني يبذل فيه قدرًا محدودًا من الطاقة الذهنية. شاهد العلماء في هذه التجربة سلوكَ الفأر وهو يتغيَّر وفقًا للبيئة ويتحول إلى روتين من خلال عملية من ثلاث مراحل تتكرر بشكل تلقائي: محفِّز، عادة، مكافأة. دورة تلقائية يخلقها العقل بشكل تلقائي.  (٢) اللوحة ل: M

السير في الزمن

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) رجلٌ عجوزٌ أو شابٌّ صغير، يبدأ حكايته: «كان يا ما كان»، ثم ينتقل بالأحداث على حريته؛ يبطئ حينًا عند مشهدٍ ما ويُسهِب في وصفه، ويسارع في مشاهد أخرى فيجعلها متتابعةً تخطف الأنفاس، قد ينتقل من الزمن الحاضر إلى الماضي: «وكان قبلها قد حدث أنه …»، أو يقفز إلى المستقبل دون تمهيد: «ثم/بعد عشر سنوات/في النهاية …»، أو ربما يخلط بين الأزمان بشكلٍ غير منتظم: ماضٍ حاضر ماضٍ ماضٍ … وهو في هذا كله كحَكَّاءٍ بارع يراعي التشويق، يعرف أن الحدث (الحدوتة) لا يكفي، وأن الطريقة التي يقول بها قصته قد تكون أَهَمَّ من القصة. لكن المسألة ليست فقط في التشويق، الفكرة هي أن شكل الزمن الخطي الذي نعرفه لا يُعَبِّرُ دائمًا عن أفكار الإنسان ومشاعره بشكل كافٍ، الإنسان يكون في لحظته الحاضرة مرتبطًا بلحظات بعينها في ماضٍ قريب أو بعيد، يستعيدها حنينًا، أو ندمًا، أو تأمُّلًا، يستعيدها لصلتها بحاضره، أو لأنها أبعد ما تكون عن حاضره. الإنسان يتطلع أيضًا للمستقبل، يتشبث به كمَهْرَبٍ، أو يخاف منه كخطر، أو يتساءل بخصوصه بحَيْرةٍ. لحظة أو فكرة وُلِدَتْ منذ عشرين عامًا أو أكثر، قد تساعد على فَه

وجهات النظر: بين النسبوية والحقيقة الوحيدة

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) ربما تكونُ قد شاهدْتَ فيلم راشمون (Rashomon-1950) للمخرج الياباني كوروساوا، والذي يعرض أربع رؤًى متباينة لحدث واحد، هو مقتل الساموراي «كانازاوا تاكيهيكو». تعرض كل شخصية زاوية من الحدث تعبِّر عن نظرتها للحقيقة، ومع توالي الرؤى تُفاجأ - كمشاهد- بمقدار التناقُض بينها، ومقدار التشويه الذي حدث في كل زاوية نظر. هذه الانتقائية نمارسها في حياتنا بشكل مستمر: ونحن في بيوتنا، ونحن نسير في الشارع، ونحن نتعامل مع الآخرين. قد نعرف شخصًا ما لفترة طويلة، لكننا نحتار ونتبلبل مثلًا إن سألنا أحدُهم عن تفصيلةٍ ما تخصه. والوعي بهذه الفكرة من النقاط المهمة في تقنية كثير من الأعمال الفنية والأدبية، ومنها القصة والرواية على سبيل المثال. على الروائي في كل جزء من روايته أن يختار زاوية النظر التي سينقل بها الحدث الذي يريد نقله، هل سيستخدم الراوي العليم أم الراوي المشارك؟ ومن أي زاوية سينقل المشهد الذي يريد وصفه؟ الوعي الحديث يدرك أن الراوي لا ينقل الحقيقة بالضرورة كما حدثت، لكنه ينقلها كما رآها أو كما يريدنا أن نسمعها. M. C. Escher (٢) يشير را

كيف مزقت التكنولوجيا الحقيقة

صورة
(هذا المقال هو ترجمة من الأصل الإنجليزي المنشور في جريدة الجارديان بتاريخ 12 يوليو 2016 بعنوان: " How technology disrupted the truth ") بقلم: كاثرين فاينر ( Katharine Viner ) ترجمة: أحمد ع. الحضري الصورة لسيباستيان تيبو (Sébastien Thibault) نقلا عن الجارديان.  في صباح يوم اثنين في سبتمبر الماضي، استيقظت بريطانيا على قصة خبرية شائنة. ارتكب رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، وفقًا للديلي ميل، "فعلًا فاحشًا مع رأس خنزير ميت". أفادت الصحيفة أن " شهيرًا زامله في جامعة أوكسفورد يزعم اشتراك كاميرون في إحدى المرات في طقس قبول شائن جرى أثناء فاعلية لبيرس جافستون، تضمنت رأس خنزير ميت،". بيرس جافستون هو اسم نادي طعام منفلت في جامعة أكسفورد؛ زعم مؤلف القصة أن مصدره كان عضوًا في البرلمان، والذي ادعى أنه شاهد دليلًا مصورًا: "تلميحه غير المعتاد هو أن من سيغدوا لاحقًا رئيسًا للوزراء أولج جزءًا خاصًا من أجزاء جسمه داخل الحيوان.". القصة، المقتطفة من سيرة جديدة لكاميرون، أثارت ضجة على الفور. لقد كان الأمر مقززًا، وكانت فرصة عظيمة لإذلال رئيس وزراء نخبوي، وشعرت

ستيف جوبز

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري يحكي  والتر إيزاكسون، صاحب الأسلوب السلس والممتع والمجهود الدؤوب الذي يظهر في مادته الثرية،  في بداية هذا الكتاب كيف تواصل معه ستيف جوبز، مشجعًا له على الكتابة عن حياته. يصف المؤلف تخوفه في أول الأمر من أن يحاول جوبز السيطرة على مادة الكتاب أو التدخل فيها، ثم يوضح بعد ذلك كيف  تجنب   جوبز فعليًا التدخل في محتوى الكتاب بأي شكل. جوبز الذي كان واعيًا باقتراب أجله، نتيجة لمرضه الخطير، كان مهتمًا بوجود كتاب يوثق لتجربته الشخصية والعملية:   غلاف الطبعة العربية الصادرة عن مكتبة جرير قال جوبز: "عندما كنت صغيرًا، لطالما ظننت أنني شخص مهتم بالآداب. ولكنني كنت أحب الإلكترونيات، ثم قرأت مقالًا قال فيه أحد علمائي المفضلين إدوين لاند من شركة بولارويد، شيئًا عن أهمية الأشخاص الذين يقفون في مفترق الطرق بين الآداب والعلوم، وقررت أن هذا هو ما أريد أن أفعله. كان الأمر يبدو كما لو أنه يطرح موضوعًا لسيرته الذاتية (وفي هذه اللحظة، على الأقل، أصبح موضوعًا صالحًا)، حيث إن الإبداع الذي ينتج عن الدمج بين العلوم والآداب في شخصية قوية كان هو الموضوع الذي جذبني إلى سيرة كل من فران

ليديا ديفيس عند نهاية العالم (ج2)

صورة
حول تعلم النرويجية، والكتابة عن جمال عالم يحتضر بقلم: آن فارثيز            . ترجمة: أحمد ع. الحضري     اقرأ أولًا: ليديا ديفيس عند نهاية العالم (ج1)       الهرطقة والتاريخ     تقودنا ديفيس إلى مكان يقدم طعامًا منزليًا، مع تصميم داخلي يلائم هذا الغرض: مناديلُ المائدة مصطفة فوق الطاولات الخشبية المتينة، بعض الأقوال المأثورة المطرزة تزين الحوائط. طاقم العاملين المرحب المكون بالكامل من نساء في الستينيات، يقدمن فطائر محلاه (بانكيك)، وهاش براونز ( hash browns )، وبيض مع شرائح لحم الخنزير المقدد ( bacon ) على الخبز المحمص ( toast )، وإمدادات لا نهائية من القهوة السوداء القوية. أمر يكاد يكون مؤسفًا أننا لسنا هنا لنتحدث عن الحُفَر الموجودة في الطرق المحلية. "ما الذي وجدته مثيرًا للاهتمام في رواية تليمارك؟ "     "أنا مهتمة للغاية بالتاريخ، والمادة جذبتني. أيضًا تعاطفت بالكامل مع الإصرار الذي وجدته في مشروع سولستاد، كونه لا يكتب ليمتع أناسًا آخرين. افعل بالضبط ما تريد، هذه هي فكرتي. بعضهم سيحبها وبعضهم سيكرهها، ولا مشكلة في هذا. لقد شاهد

ليديا ديفيس عند نهاية العالم (ج1)

صورة
حول تعلم النرويجية، والكتابة عن جمال عالم يحتضر بقلم: آن فارثيز (Ane Farsethas) ترجمة: أحمد ع. الحضري  ظهر هذا البروفايل أصلًا في أكبر مجلة نرويجية ( Morgenbladet )، وتمت ترجمته [إلى الإنجليزية] لصالح ليترالي هاب  (المحور الأدبي) بواسطة المؤلف، الصور ليوهانس ورشي بيرج ( Johannes Worsøe Berg )        "لا، أنا لا أستخدم قواميس قط. إن فعلت هذا لن يكون هناك أي تحدٍ. أي تحدٍ فكريٍ على الإطلاق.!" ليديا ديفيس كانت قد أرتني لتوها ملاحظاتها المدونة بخطها في هوامش رواية تم وصفها من قبل نقاد البلد التي نشرت فيه، بأنها لا يمكن قراءتها " unreadable "، وبأنها "مملة مثل دليل الهاتف. بخط ديفيس المنمق، انسكبت في أرجاء صفحات الرواية، وعلى حزمة من الورق توصيفات منهجية للمفردات، والأسلوب، وقواعد اللغة. الكتيب الملفق -مصنوع من أفراخ ورق مطوية من المنتصف- يضم شروحًا كثيفة مدونة على الوجهين، لقواعد اللغة، لا يقتصر المحتوى على قواعد اللغة في الرواية نفسها، ولكن للغة التي كتبت فيها الرواية بشكل عام، قواعد مكتوبة بالكامل بواسطة ديفيس ذاتها. الفائزة بج

محبةً لفينسنت = Loving Vincent

صورة
       "نستطيع أن نتحدث فقط من خلال لوحاتنا". ذكرت مخرجة فيلم (Loving Vincent) دوروتا كوبييلا أن هذا المقتطف من إحدى رسائل فان جوخ الأخيرة لأخيه هو الذي ألهمها حين فكرت في عمل فيلم يتحدث عن حياة فان جوخ وأعماله، ضرورة أن يستلهم هذا الفيلم طريقة الفنان في الرسم، وأسلوبه في إنتاج اللوحات. .... . الفيلم المتوقع ظهوره لاحقًا هذا العام (2016) عن حياة وأعمال فان جوخ؛ يعتبر –حسب وصف صانعيه- أول فيلم طويل مرسوم بالكامل بألوان الزيت على قماش الكانفاس، في محاكاة لطريقة فان جوخ في الإبداع، وللأدوات التي استخدمها. الفيلم استعان بعدد كبير من الفنانين رفيعي المستوى القادرين على محاكاة أسلوب فان جوخ بجودة وكفاءة عالية؛ فقد فاق عدد الفنانين المشاركين في الفيلم ثمانين فنانًا، وزاد عدد اللوحات التي احتاجها تنفيذه عن ال62 ألف لوحة.  الفيلم من إخراج دوروتا كوبييلا (Dorota Kobiela) ويعاونها هيو ويلشمان (Hugh Welchman) كمخرج مساعد. والفيلم يناقش من ضمن ما يناقشه النهاية الغامضة للفنان، ويطرح -في هذا السياق- أسئلة عن نهايته التي شابها الغموض، والسيناريوهات المحتملة لها

كلام عن الكلام

صورة
by Igor Morski لو وضعت أي شيء في مركز اهتماماك فستبدأ في رؤيته في العديد من الأشياء الأخرى: صلات، تشابهات، تضادات، أعم، أضيق... لو أنك شغوف بالعمارة فستشاهد البنايات والشوارع والنباتات والحيوانات والبشر والطبيعة والكون كمعمار وستكون قادرًا على التعلم منها والاستفادة منها كمصدر للإلهام. حالة الشغف هذه قد تكون من أهم ما يفصل بين المبدع في مجال ما والصانع الجيد. في الشعر الأمر مشابه، هناك كتاب يضعون الشعر في مركز اهتماماتهم، وهناك كتاب يضعونه على الهامش، التفريق بين الفريقين لا يتم عن طريق الكم بل يتم عن طريق مقدار الإبداع.  

The Time Being, 2012

صورة
  بعد أن شاهدتُ هذا الفيلم ذهبت لموقع imdb.com لأعرف المزيد عنه فوجدتُ أن تقييمه هناك 5.4 فقط، لا تصدقوه . الفيلم ليس به حركة كبيرة في الأحداث، فالحدث هادئ نوعًا، لكنه يصور بفنية لحظات إنسانية من حياة فنانين يلتقيان . فنان في مقتبل حياته وآخر في نهايتها . فصار أحدهما بشكل ما مرآة للآخر . مرآة تكشف وتؤثر وتغير .

أن ترى ما لا ترى

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (1) " هل من الممكن أن ترى شيئًا دون أن تعلم أنك تراه؟ " هذا السؤال ليس لي، إنه الجملة الأولى التي بدأ بها محرر مجلة العلوم الأمريكية مقال بعنوان " نظر الأعمى : أن ترى دون أن تعلم “ ( Blindsight: Seeing without knowing it ). يتساءل المقال : “ لكن ماذا عن أن ترى شيئًا وأنت تظنُ أنك أعمى بالكامل؟ ماذا عن التفافك حول عقبات لا تراها ولا تتوقعها حتى؟ ". بصراحة بالنسبة لحالة علمية فهي محملة بعمق أدبي ما، محملة حتى بالرموز والدلالات واحتمالات التأويل . المقال قديم من 2010 وتذكرته الآن وأنا أقرأ عن تجربة أخرى مشابهة قليلا في كتاب " تنينات عدن - تأملات عن تطور ذكاء الإنسان لكارل ساجان " ، المقال عن رجل فقد القدرة على استخدام منطقة في عقله تسمى " اللحاء البصري الأولي” (primary visual cortex) المسؤولة عن معالجة الصور التي تأتي من العينين نتيجة لجلطات . بعد هذه الجلطات اختفى البصر بالكامل، لم يكن قادرًا حتى على رؤية الأشياء الكبيرة التي تتحرك مباشرة أمام عينيه السليمتين . لكن العلماء انتبهوا إلى أنه قد يكون لديه ما يسمى ب &q

بانكسي يخلق إثارة في نيويورك – لكن ما الذي سيحدث للجداريات؟

صورة
ينظرون إلى جرافتي بانكسي الذي رسمه كجزء من المعرض المفتوح الممتد لمدة شهر الذي سبق أن أعلن عنه   بقلم: Varun Bhanot ترجمة: أحمد ع. الحضري (المصدر: الجارديان )        إنه الحامي المجهول ل فن الشارع الذي يستخدم الحوائط غير المميزة لعمل عروض تساوي الكثير. في عدد من الأماكن حول العالم، صار فن الجرافتي الذي يقوم به بانكسي بأفكاره السياسية القوية، رمزًا ثقافيًا وكنزًا مجتمعيًا. هذا الشهر هو في نيويورك، في ما يتوقع أن تكون إقامة لمدة شهر تشتمل على عددٍ من المشاريع الجديدة.      لكن، مع وجود إشادة بالفن العظيم وقيمته تتصاعد موجة من إضفاء الطابع التجاري. عدد من جداريات بانكسي – تم تقديرها بشكل كبير من قبل محبي الفن ولكن تم تقديرها حتى بشكل أكبر من قبل أصحاب الممتلكات الخاصة – تم فصلها وبيعها في المزاد. في لوس أنجلوس في أغسطس، تمت إزالة لوحة فتاة الزهور لبانكسي من محطة للغاز وعرضها في مزاد. سعر فتح المزاد كان 300.000 دولار. في فبراير اختفت في ظروف غامضة قطعة تسمى "العمال العبيد" من مخزن تابع لمحلات باوندلاند (Poundland) في شمال لندن، لتظهر في مزاد بميامي لاحقًا هذا الشهر، وا

إنها تأسر عقلك (2)

صورة
Bill Brandt:  Northumbrian Miner at His Evening Meal , 1937 عرض: Cass R. Sunstein ترجمة: أحمد ع. الحضري اقرأ أولا: إنها تأسر عقلك  (بقية عرض كتاب: “الندرة: لماذا يعني كثيرًا جدًا امتلاك القليل جدًا" ( Scarcity: Why Having Too Little Means So Much ) )      في إحدى التجارب، طلبوا من مجموعة من الأشخاص أن يتخيلوا أن سيارتهم كانت في حاجة إلى أن يتم إصلاحها، وأن عملية الإصلاح ستتكلف 300 دولار، وأنهم كان عليهم الاختيار بين إصلاحها في الحال أو الانتظار (على أمل أن السيارة قد تعمل لوقت أطول). ثم سأل المؤلفان: كيف ستجري مثل هذا الاختيار؟ هل سيكون قرارًا سهلا أو صعبًا في اتخاذه؟ بعد تلقي إجابات الأشخاص، سألهم المؤلفان سلسلة من الأسئلة من النوع الذي يظهر في اختبارات الذكاء التقليدية. لم يظهر أي فرق في الذكاء بين ميسوري الحال والفقراء.     

إنها تأسر عقلك

صورة
      عرض مثير للاهتمام في جريدة ( The New York review of books ) يتناول فكرة الندرة، فكرة الندرة من الأفكار الأساسية في الاقتصاد، الاقتصاد نفسه يتم تعريفه بأنه العلم الذي يتعامل مع الموارد النادرة. العرض لكتاب: “الندرة: لماذا يعني كثيرًا جدًا امتلاك القليل جدًا" للمؤلفين: سندهيل مالينيثور و إلدار شافير. S carcity: Why Having Too Little Means So Much by Sendhil Mullainathan and Eldar Shafir Times Books, 288 pp .         الكتاب يتناول فكرة الندرة، بمفهوم أوسع، مبينًا علاقتها بوعي الإنسان وطريقة إدراكه للعالم. كأي من الأمور للندرة ميزاتها وعيوبها. أحيانًا هي تشحذ العقل أكثر للنظر إلى المشكلة، لكنها في نفس الوقت تجهد العقل بحيث يكون أقل صفاءً وأكثر عرضه للتوجيه والعصبية واتخاذ القرارات الخاطئة في أمور أخرى. دون مقدمات إليكم ترجمة الجزء الأول من المقال، الذي ترددت بين ترجمته كاملا أو الاكتفاء بترجمة مقتطفات منه، لكني ملت إلى ترجمته كاملا، وسأنشر ترجمة الجزء الثاني هنا أيضًا في حال وجدت اهتمامًا بهذا الجزء.      (إنها تأسر عقلك) عرض: Cass R.

حكاية للكائن الزمني: A Tale for The Time Being

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري A Tale for The Time Being  - Ruth Ozeki      ما هو الزمن؟ الإجابة ليست سهلة. لكن الزمن في الحس العام يتلخص في: ماضٍ وحاضر ومستقبل؛ تتابع واضح خطي ثابت مستقر. الزمن الروائي في المقابل لا يتقيد بهذا التتابع فللروائي أن يرتب الأحداث كما يرى، قد يذكر المستقبل أولا ثم الماضي ثم الحاضر. وهناك زمن آخر يرتبط بالكتابة وهو زمن القراءة، القارئ في غرفته أو في مكتبه يجلس ليقرأ الرواية، ويستشعر الزمن بطريقة مختلفة. في البوذية لا يفهمون الزمن كخط يفهمونه كدائرة، وبالتالي فمفاهيم المستقبل والماضي ليست بالضرورة متنافرة لهذه الدرجة. أما في العلم الحديث متمثلا في النسبية والكوانتم فقد ابتعد أيضًا عن مفهوم الزمن في الحس العام. لماذا أذكر كل هذه المفاهيم في إطار الحديث عن رواية. لأنها جميعًا موجودة في هذه الرواية. هل هي رواية عن الزمن؟ ربما.  

فصول من الكتابة العلمية الحديثة

صورة
غلاف الكتاب قرأتُ كتاب "فصول من الكتابة العلمية الحديثة" الذي صدرت منه طبعة جديدة عن سلسلة الثقافة العلمية في مكتبة الأسرة - مصر (2012)؛ الكتاب عبارة عن فصول مختارة من كتابات أعظم علماء القرن العشرين. الكتاب ممتع للغاية: معلومات تثير الذهن، وأسلوب عرض مبسط، ولقطات مختلفة مختارة بعناية. بعض المقاطع المختارة فيها جمال السرد الأدبي وجدته؛ لذلك اندهشت أحيانا من الصياغات المبدعة التي تصاحب مثل هذا الحديث العلمي. على سبيل المثال الصفحات المختارة من "إعادة التفكير في الجذور" لريتشارد ليكي وروجر لوين، وكذلك الفصل المختار من كتاب لوسي (lucy) لدونالدينو هانسون وميتلاند إيدي، هي دون مبالغة مقطوعات أدبية مكتملة، قصص قصيرة ربما. والفصلان يتحدثان عن اكتشافين لحفريتين من أهم الحفريات التي تم اكتشافها، لحلقات مهمة من تطور الإنسان البدائي.     

هوية؟

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري       من وحي اللحظة الراهنة في مصر، لي أن أركز على لحظتين من لحظات تطور الحضارة الغربية الحديثة. اللحظة الأولى هي لحظة الميلاد: لحظة الخروج من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، واللحظة الثانية، هي لحظة ما بعد الحربين العالميتين. اللحظة الأولى هي لحظة مراجعة وتحويل مسار، لحظة اتسمت بنقد الحاضر ومحاولة البحث عن حل بديل وكان هذا الحل هو العقل. اللحظة الثانية هي لحظة الصدمة التي سببتها مآسي الحروب العالمية، وتأثير هذا في ظهور تيارات فكرية، وفنية، وأدبية تعكس هذا وتوضح جوانب القصور التي كشفتها هذه الحروب والمشاكل الأخرى.      يجمع هاتين اللحظتين رغم اختلاف الاتجاه فيهما فكرة أساسية هي نقد الذات، يجمعهما في رأيي أنهما أبناء للزمان والمكان والظروف، الأولى كانت توجهًا لا مفر منه في ظل غلبة مناخ معادٍ للعقل. والثانية نقد ضروري لحضارة وصلت لمرحلة معينة من تطورها واكتشفت الحاجة إلى تعديل ما في المسار. ولكن كلتا اللحظتين هي في نفس الوقت أكثر من مجرد الزمان والمكان التي ولدتا فيه. بمعنى أن أي محاولة لقصرها داخل هذه الظروف هي محاولة تعاني من ضعف في الرؤية.

فن الكوميكس: مقاربة فلسفية = The Art of Comics: A Philosophical Approach

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري غلاف الكتاب       بخلاف الوضع في عالمنا العربي، تلاقي الكوميكس اهتمامًا كبيرًا من قبل الناشرين والقراء في الغرب والشرق، وتقوم حولها صناعة كاملة رائجة. لكن هذا لا يمنع كونها تلاقي أشكالًا مختلفة من التهميش؛ فرغم انتشارها تتم معاملتها كفن هامشي: الكوميكس موجودة في كل مكان، وبدأت تفوز بجوائز أدبية محترمة، وهي بالفعل تؤثر في الثقافة بدرجة كبيرة، ورغم ذلك يرفض الكثيرون التعامل معها باعتبارها فنًا مستقلًا قائمًا بذاته، بل يرونها على الأكثر باعتبارها مجرد أفلام على ورق. يشير الكتاب الذي أعرضه هنا إلى تبني البعض لنظرية في الفن تستثني الكوميكس منها.      كتاب "The Art of Comics: A Philosophical Approach" هو كتاب مختارات يضم مجموعة من المقالات المتنوعة التي تعالج الكوميكس من زوايا فلسفية. الكتاب من تحرير "Aaron Meskin" [أستاذ محاضر في جامعة ليدز (University of Leeds.)]، وروي كوك "Roy T. Cook" [أستاذ مساعد للفلسفة في جامعة مينيسوتا (University of Minnesota)] وقدم له "Warren Ellis". صدر في طبعته الأولى عام 2012.   

مجموعة القفص لإبراهيم الكوني

صورة
  الروائي الليبي: إبراهيم الكوني        قرأت لإبراهيم الكوني روايتين: الأولى هي رواية "تبر"، والأخرى هي رواية "فرسان الأحلام القتيلة". لكن مجموعته القصصية المعنونة "القفص" والتي كتبت كل قصصها في عام 1989م هي أفضل ما قرأته له حتى الآن. ففيها بالإضافة إلى بروز خبرة الكاتب المتمكن في بناء الأحداث، والجمل والشخصيات، برع في خلق عوالم مميزة جاذبة للقراءة. استخدم مفردات عالم الصحراء، ومزجها مع مفردات من التاريخ، والج غرافيا ، والواقع والأساطير، ليكون عالمًا عجائبيًا ممتعًا، لا يخلو من العمق، وإمكانات التأويل. المجموعة تضم سبع قصص هي: مولد الترفاس، ونذر البتول، وطائر النحس الذهبي، والسيل، والنبوء، والسلطان، والقفص.

حسن حنفي: خواطر مستمع

صورة
حسن حنفي       من الصعب وصف حالة النشوة العقلية التي يضفيها عليك الاستماع إلى هذا الرجل، أول ما يلفت الانتباه ويفاجؤه هذا القدر الكبير من تقبل الرأي الآخر، والاستماع الحسن البشوش لما يقال، من طلبته ومن طلبة طلبته والذي قد يراه بعض الجالسين وأراه أحيانا ي نتقل من النقد الحقيقي إلى بعض الاستعراض أمام الجماهير الحاضرة، لكنه دائمًا يستمع ثم يرد في هدوء واحترام وود لم تؤثر فيه الانتقادات. هو بصوته الهادئ المنساب الواضح والمسافات الواضحة بين الكلمة والكلمة، اللغة السليمة، والمنطق المتسق، والعلم المتسع.