المشاركات

أزمة قلبية

صورة
D ead Toreador, 1864 by Edouard Manet بقلم: أحمد ع. الحضري كأن أحدهم غرس سكينًا في ظهري دون مبرر أو فائدة تعود عليه ثم مضى. كأن فسلا غافلني وضربني على وجهي ثم جرى مبتهجًا. غاضبٌ. لكن غضبي غريبٌ علي؛ لأني لا أذكر أن أحدهم طعنني في ظهري، ولم يضربني على وجهي أحدُ قط. لكني غاضب، غضب لا أفهمه، غضب يكاد يقتلني، يظهر وأنا أتحدث، وأنا أختلي بنفسي؛ يقفز على كتفي فجأة حين أقرأ، أو أشاهد المسلسلات والأفلام. في الوقت الذي يحاول  عقلي   أن يحتفظ بهدوئه،  قلبي يشبه البالون الذي يزداد امتلاؤه بالغضب مع الوقت . غضبي لا يشبهني، كأن إنسانًا استغل شرودي ودس في حقيبتي غضبه ثم مضى فخورًا بنباهته وخفة يده، وفرحًا بخفة قلبه المكتسبة. 8 فبراير 2024

شيطان فؤاد حداد: تأملات

صورة
قصيدة الشيطان لفؤاد حداد من أحب القصائد لقلبي، وهي قصيدة بتتكرر في ذهني كتير، وباستدعيها باستمرار، ومع حبي ليها كنت حاسس دايمًا إن في أجزاء منها بتشاور على مناطق محتاج أعرف عنها أكتر. وفيها إشارات وإحالات ما كنتش فاهمها بالكامل، فهمتها أكتر مع الوقت مع قراية قصائد ودواوين تانية لفؤاد ساعدني الربط والتأمل على تكوين صورة متكاملة. هنا أنا هكتب عن القصيدة، وهو كلام مش نقد وقد يكون غير مفيد لكتير. بس حبيت أسجله لنفسي على الأقل.  (في اختراع الأمل)      فؤاد حداد كان لما الدنيا بتضلم يقول إنها ضلمة بس ف نفس الوقت يحلم بنهار، دي طريقته؛ عشان كدا قال في قصيدة اسمها "يا ليل أسمر": "أنا في اختراع الأمل صاحب عشر براءات"، وهي قصيدة للي يقراها فيها حزن وشجن، فيها كلام عن السجن والموت، بس فيها أمل وحلم بمستقبل أحسن، مسجون بس بيحلم بالحرية: "حلمت يا أهل الجناين سعيكم مشكور وصحيت ملك والشجر واقف يعظم لي وجمعت بيهم على كل العرب شملي نازل من النخلة أم طاقية بحريّة حصاني مركب ف وقف المحكمة مذكور" وبينهيها: "الحق بالحق لا بأصول ولا تقليد وأنا لسة باجري كإني في الواحات ما

أحلام مميتة: مقتبس من كتاب الأيديولوجية والعرض المسرحي

صورة
إن أي أفكار مهما كانت خصبة في بدايتها تبلى بعد فترة من الزمن. وبعض الأيديولوجيات حققت الحرية لفترة وجيزة ثم أصبحت مميتة في اللحظة التالية. ونحن جميعًا نعلم هذا. فهذه هي الحقيقة الوحيدة التي يجب أن تكون واضحة ونحن نقترب من نهاية القرن العشرين بمسلسله الذي لا ينتهي لمذابح الأيديولوجية. وأعتقد أن هذا الوضوح يجعل من فكرة الثورة بوعودها بحياة حقيقية -والاعتقاد في إمكان تحقيقها، وأنها يجب أن تتحقق- لم يعد ممكنا.[•••] ولكننا يجب علينا كلما فكرنا في الأيديولوجية، والتزمنا بها كفكر نضحي من أجله بأنفسنا، يجب علينا أن نتذكر شيئا آخر نحاول أن نمحوه من ذاكرتنا: وهو أنه إذا كان هناك شيء مخيب للآمال في الفكر نفسه فهو أن هذا الفكر يتحول إلى شيء مميت عندما يتحول إلى مؤسسات، وهو يصبح مخيبا للآمال بدرجة أكبر عندما يتحول، بعد أن يتنكر في ثياب الممارسة النقدية، إلى سيناريو قهري للتصحيح. فكما يحاول موليير أن يبين، وأحيانا بأسلوب مرضي قد يصل إلى النفور من الذات، أننا لا يمكننا استثناء الفكر الثوري من هذا، فقد رأينا في الفن الذي قدم خلال هذا القرن تشابها بين الفكر الذي يطالب بالحرية وبين الحكم الشمولي -وقد نب

يعلمنا الخوف (مقتطف)

صورة
     كل نقص في الحب والإنصاف في علاقتنا الاجتماعية يلقى جزاءه في الخوف. إذا وقفت من زميلي في علاقتي به موقفا بسيطا فإني لا أجد غضاضة عندما ألقاه. إننا نلتقي كما يلتقي الماء بالماء. أو كما يختلط تياران من الهواء، في امتزاج كامل وتداخل في الطبائع. غير أننا لو انحرفنا عن البساطة، وحاولنا المناصفة، أو كان هناك خير لي ليس فيه خير لجاري، فإنه يشعر بالإساءة، ويبتعد عني بمقدار ما ابتعدت عنه. لا تبحث عيناه عن عيني بعدها، وينشب الخصام بيننا، وتقوم في نفسه الكراهية، وفي نفسي الخوف.      كل مساوئ المجتمع القديمة، العامة والخاصة، كل ملك أو نفوذ جاء ظلما إنما يلقى الانتقام على صورة واحدة. يعلمنا الخوف الحكمة الكبرى، وهو رائد كل انقلاب. يعلمنا شيئا واحدا، وذلك أن هناك فسادًا حيثما ظهر. هو أشبه بالحدأة أو الغراب، قد لا نرى جيدًا ما يحومان حوله، إلا أنك تثق من وجود الموت والجيف الممزقة في مكان ما. إن أملاكنا هيابة، وقوانينا هيابة، وطبقاتنا المثقفة هيابة. وقد أنذر طائر الخوف بالشر منذ آماد طويلة، وقطب جبينه وتذمر من الحكومة ومن الملك، ولم يوجد ذلك الطائر الدنس هناك من غير داع. وإنما كان يشير إلى أخطاء ك

دراسات الخطاب النقدية: السلطة والسيطرة على الخطاب العام (مقتطف)

صورة
بقلم: توين فان دايك ترجمة: غيداء العلي وتبين هذه المعايير -بصورة واضحة- أن الباحثين في مجال دراسات الخطاب النقدية لا يقفون موقف "المحايد"، بل يلتزمون بالانخراط دفاعًا عن مصالح الفئات المهيمن عليها (كالأقليات) في المجتمع، ويلتزمون بهذا الموقف بكل صراحة ووضوح، وفي حين يتبنى البحث الاجتماعي "الحيادية" موقفًا اجتماعيًا أو سياسيًا أو أيديولوجيا ضمنيًا (أو في الواقع ينفي اتخاذ مثل هذا الموقف، وهذا -بحد ذاته- اتخاذ موقف)، يعترف الباحثون في مجال دراسات الخطاب النقدية بالتزاماتهم الخاصة في مجال البحث ومكانتهم في المجتمع ويدركونها ويتأملون فيها، فهم لا يعون فحسب الأهمية العلمية لاختياراتهم لأولويات الأبحاث والنظريات والمناهج أو البيانات وموضوعاتها فحسب، بل يدركون الدور السياسي الاجتماعي لها أيضا، ولا يقومون بدراسة مجردة للمشكلات الاجتماعية؛ لأنها موضوعات مثيرة للاهتمام فحسب، بل لأن هدفهم صريح وواضح وهو الإسهام في إحداث تغيير اجتماعي محدد لصالح المجموعات المهيمن عليها، وهم يقدمون نقدا ذاتيا لمعرفة ما إذا كانت نتائج بحوثهم قد تفيد الموقف المهيمن للجماعات القوية في المجتمع، وفضل

الظلم اللي ف الأشياء

صورة
اللوحة لحامد عويس      المهم البني آدم مننا بيعيش وبيمشي في الدنيا دي، عشان بس يحس بحد أدنى من التحكم في مصيره، يعني سواء هدفك الفلوس أو النجاح أو غيره بتعمل كل دا عشان تحقق نمط حياة مستقر وروتين يوم تبقى متحكم فيه. بتحوش عشان الحوجة ما تتضطركش تهد حياتك أو تعيد بناها على نمط جديد مضطرب. بس ممكن بني آدم يكون تعب كل حياته عشان يرتاح، يصحى يلاقي دولة زي روسيا قررت تحتل المكان اللي هو عايش فيه، أو طرأ أي أمر سياسي محلي، دا غير الأحداث والكوارث المحلية أو الشخصية. فتحس بالهشاشة، انت كإنسان ممكن تصحى فجأة تلاقي بيت القش اللي بنيته وكنت متخيله مستقر وآمن بيتهد فوق راسك، وما فيش حاجة تقدر تعملها عشان ترجع الوضع المألوف. لما بيتكرر دا ما قدامكش لما تعجز عن تكييف العالم، إلا إنك تعيد تعريف نفسك وتصورك عن اللي حواليك، وتبتدي تقبل إن مافيش أمان، وإن التغيير هيحصل، وإن حتى تصوراتك وقيمك اللي كانت بتسهل لك تقبل العالم بتتهز. بتدرك إن الظلم موجود ومش هينهزم بالضرورة، بل وارد جدا يستمر ويتوغل، وما بيبقاش قدامك غير إنك تقبل هشاشتك، وتدرك إن صعب ما تبقاش كائن هش بالمعنى دا، وتقبل الظلم اللي ف الأشياء ك

أحلام المساجين (مقتطف)

صورة
أعتقد أن «لسنج» هو الذي قال ذات مرة: «توجد أشياء تؤدي بك إلى أن تفقد عقلك، وإلا فإنه لا يوجد لديك ما تفقده». ثم إن رد الفعل غير السوي إزاء موقف غير سوي هو استجابة سوية. بل إننا الأطباء النفسيون نتوقع أن تكون ردود أفعال الانسان إزاء موقف  غير سوي، كأن يحول إلى مستشفى للأمراض العقلية، ردود أفعال غير سوية قياسا إلى درجة سوائه، وفي ذلك يمثل أيضًا رد فعل الإنسان إزاء ادخاله معسكر اعتقال حالة غير سوية للعقل، ولكن إذا حكمنا عليها موضوعيا فإنها تعتبر حالة سوية، وأنها - كما سنشير إلى ذلك فيما بعد -رد فعل طبيعي تجاه مثل هذه الظروف. هذه الاستجابات قد بدأت تتغير في غضون أيام قليلة. يتضح ذلك في انتقال السجين من الطور الأول [الصدمة] إلى الثاني؛ وهو طور البلادة النسبية، حيث يصل به إلى نوع من الموت الانفعالي. *** كانت البلادة - وهي العرض الرئيسي للمرحلة الثانية - وهي الميكانزم الضروري للدفاع عن الذات. لقد أصبح الواقع مظلما، وغدت كل الجهود وكل الانفعالات متمركزة حول مهمة واحدة: المحافظة على الحياة -حياة الفرد ذاتها وحياة زميله. لقد كان من المتواتر أن تسمع المسجونين، بعد عودتهم في المساء الى المعسكر من

تلات ورقات

صورة
Three Card Monte, BY:Max Ginsburg 1979. بقلم: أحمد ع. الحضري حد بدلني وانا نايم بواحد مختلف عني وانا وهوا مخدناش في النهار بالنا وكملنا حياة غيرنا بلا تفكير فانا هوا وهوا صار أنا واحد ورا التاني ورا التالت: أنا الوقت نصاب محترف تلقاه على كل الطرق واقف بيلعب بالورق / بينا يبدلنا بخفة إيده ولسانه يعبينا بصنعة لطف في كمه ويخفينا وألاقي ذكرياتي زي طاقية بتلبسني وتقلعني فأفكر رغم إني بشكل عابر بانتحل كلمة: أنا وقت تأليف القصيدة كنت شاكك إن أنا موجود 15 مارس 2022