يعلمنا الخوف (مقتطف)
كل نقص في الحب والإنصاف في علاقتنا الاجتماعية يلقى جزاءه في الخوف. إذا وقفت من زميلي في علاقتي به موقفا بسيطا فإني لا أجد غضاضة عندما ألقاه. إننا نلتقي كما يلتقي الماء بالماء. أو كما يختلط تياران من الهواء، في امتزاج كامل وتداخل في الطبائع. غير أننا لو انحرفنا عن البساطة، وحاولنا المناصفة، أو كان هناك خير لي ليس فيه خير لجاري، فإنه يشعر بالإساءة، ويبتعد عني بمقدار ما ابتعدت عنه. لا تبحث عيناه عن عيني بعدها، وينشب الخصام بيننا، وتقوم في نفسه الكراهية، وفي نفسي الخوف.
كل مساوئ المجتمع القديمة، العامة والخاصة، كل ملك أو نفوذ جاء ظلما إنما يلقى الانتقام على صورة واحدة. يعلمنا الخوف الحكمة الكبرى، وهو رائد كل انقلاب. يعلمنا شيئا واحدا، وذلك أن هناك فسادًا حيثما ظهر. هو أشبه بالحدأة أو الغراب، قد لا نرى جيدًا ما يحومان حوله، إلا أنك تثق من وجود الموت والجيف الممزقة في مكان ما. إن أملاكنا هيابة، وقوانينا هيابة، وطبقاتنا المثقفة هيابة. وقد أنذر طائر الخوف بالشر منذ آماد طويلة، وقطب جبينه وتذمر من الحكومة ومن الملك، ولم يوجد ذلك الطائر الدنس هناك من غير داع. وإنما كان يشير إلى أخطاء كبرى لابد أن يعاد النظر فيها.
من مقال بعنوان: التعويض
من كتاب: مختارات من إمرسون
تأليف: رالف والدو أمرسون (1803-1882)
ترجمة محمود محمود
مكتبة النهضة المصرية، 1955
تعليقات
إرسال تعليق
أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء