أحلام مميتة: مقتبس من كتاب الأيديولوجية والعرض المسرحي
إن أي أفكار مهما كانت خصبة في بدايتها تبلى بعد فترة من الزمن. وبعض الأيديولوجيات حققت الحرية لفترة وجيزة ثم أصبحت مميتة في اللحظة التالية. ونحن جميعًا نعلم هذا. فهذه هي الحقيقة الوحيدة التي يجب أن تكون واضحة ونحن نقترب من نهاية القرن العشرين بمسلسله الذي لا ينتهي لمذابح الأيديولوجية. وأعتقد أن هذا الوضوح يجعل من فكرة الثورة بوعودها بحياة حقيقية -والاعتقاد في إمكان تحقيقها، وأنها يجب أن تتحقق- لم يعد ممكنا.[•••]
ولكننا يجب علينا كلما فكرنا في الأيديولوجية، والتزمنا بها كفكر نضحي من أجله بأنفسنا، يجب علينا أن نتذكر شيئا آخر نحاول أن نمحوه من ذاكرتنا: وهو أنه إذا كان هناك شيء مخيب للآمال في الفكر نفسه فهو أن هذا الفكر يتحول إلى شيء مميت عندما يتحول إلى مؤسسات، وهو يصبح مخيبا للآمال بدرجة أكبر عندما يتحول، بعد أن يتنكر في ثياب الممارسة النقدية، إلى سيناريو قهري للتصحيح. فكما يحاول موليير أن يبين، وأحيانا بأسلوب مرضي قد يصل إلى النفور من الذات، أننا لا يمكننا استثناء الفكر الثوري من هذا، فقد رأينا في الفن الذي قدم خلال هذا القرن تشابها بين الفكر الذي يطالب بالحرية وبين الحكم الشمولي -وقد نبع هذا من خلال أكثر أنواع الأفكار المثالية إثارة الإعجاب وأكثر أنواع النقد صرامة.
مقطع من كتاب: الأيديولوجية والعرض المسرحي: مواجهة لكل المظاهر
تأليف: هربرت بلو
ترجمة: منى حامد سلام
وزارة الثقافة، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي
1998
تعليقات
إرسال تعليق
أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء