المشاركات

عن حياة لدفيغ فتجنشتين (مقتطفات)

صورة
ويروي رسل عنه هذه الرواية التي تعبر عن عدم استقراره في إحدى فترات حياته فيقول إن فتجنشتين جاءه بعد نهاية الفترة الدراسية الأولى التي قضاها في كمبردج وسأله "أرجو ان تخبرني إن كنت غبيًا" فأجبته: "إنني لا أعرف لماذا تسألني"، فقال: "لأنني إذا كنت غبيًا فسأصبح ملاحًا جويًا، وإذا لم أكن غبيًا فسأصبح فيلسوفًا" حينئذ طلبت إليه أن يكتب لي شيئًا أثناء العطلة حول أي موضوع فلسفي وسوف أخبره عندئذ ما إذا كان غبيًا أم لا، ومع بداية الفترة الدراسية التالية أحضر لي ما طلبته منه، وبعد أن قرأت جملة واحدة منه قلت له: "لا، يجب عليك ألا تصبح ملاحًا جويًا". *** ***  *** ويعبر فون رايت عن هذا المعنى أيضًا بقوله: "إن فتجنشتين كان رجلًا غير عادي، فهو بلا شك كان يقف متميزًا عن كل من حوله. وقد يكون قولنا بأنه كان يعيش على حافة المرض العقلي، أقرب إلي الصدق – ولقد ظل الخوف من الوصول إلى حافة المرض ملازمًا له طوال حياته". وهو في هذا قريب الشبه بالفيلسوف الألماني نيتشه الذي ظل خوفه من الجنون ملازمًا له حتى أصيب به بالفعل في أواخر سني حياته. إلا أن

بورخيس: أتعجب إن كانت كتاباتي تحمل أية حداثة (مقتطفات)

صورة
Jorge Luis Borges حوار: دانيل بورن، وستيفن كاب ترجمة: محمد هاشم عبد السلام دانيل بورن: أنت بالطابع كاتب نهم القراءة. هل يمكن أن تعطينا فكرة عامة عن كيف أن عملك كأمين مكتبة وتذوقك المتخصص في الكتب القديمة أو النادرة قد ساعدك في كتابتك فيما يخص حداثتها؟ بورخيس: أتعجب إن كانت كتاباتي تحمل أي حداثة، أعتبر نفسي منتميًا بالأساس إلى القرن التاسع عشر. أنا ولدت في نهايته، فقط في السنة الأخيرة من القرن 1899. وأيضًا انحسرت قراءاتي في نطاق ضيق –حسنًا، قرأت أيضًا الكتاب المعاصرين- لكنني نشأت على ديكنز والإنجيل، ومارك توين. بالطبع أنا مهتم بالماضي ربما كان أحد أسباب ذلك أننا لا يمكن أن نغير الماضي أو نعيد صياغته. أعني أنك بمقدورك بالكاد تغيير الحاضر لكن الماضي برغم كل شيء هو مجرد شريط الذكريات، أو الأحلام. أظنك تعرف أن الماضي الخاص بي يبدو متغيرًا باستمرار عندما أتذكره، أو عندما أقرأ الأشياء الممتعة بالنسبة لي. أعتقد أنني مدين بالفضل لعديد من الكتاب، ربما الكتاب الذين قرأت لهم أو الذين كانوا بالفعل جزءًا لا يتجزأ من لغتهم، جزءًا من تقاليدهم. اللغة هي في حد ذاتها تقليد. *

الفاكهة المحرمة

صورة
بول كيرتز إن السلوك الأخلاقي العليائي الديني يدعو إلى الوصايا المطلقة المستمدة من الرب، ولكن هذه في الغالب ليست أكثر من إنعكاس لما هو سائد في التراث السلوكي لشعب ما. على العكس من ذلك فإن علم الأخلاق الفلسفي هو سعي لإيجاد بعض الأساس العقلاني للسلوك. ثمة اختلاف مميز بين هذين السبيلين نحو السلوك: الأول يعرض مجموعة من المطلقات التي لا تقبل الجدل للإرشاد نحو السلوك، ويأخذ الثاني هذه الأشياء كونها معلومات للتأمل فيها وتحليلها وتعديلها. عندما ينشغل الفلاسفة في البحث الأخلاقي ويفكرون عميقًا في القيم الأخلاقية، يبدأ الاستبداديون بالشعور بالضيق؛ عندما يشير الشكوكيون أن في دراسة السلوك الأخلاقي ثمة غالبًا الصراع بين الحقوق والواجبات والقيم، وأن ما هو حري به أن يقوم هو يمكن أن يقرر فقط بالرجوع إلى المواقف الملموسة، فإن نقادهم يشجبون "علم أخلاق المواقف". إنهم يدعون إلى معاييرهم الأخلاقية الثابتة ويصرون أن من غير الحقائق الخالدة تكون الأخلاق خادعة... ... إنني لا أقصد إدانة كل شيء حول أنظمة السلوك الأخلاقي الدينية. ففي أفضل الأحوال، ألهمت الأخلاقية الدينية الولاء لل

المعرفة والسياسة

صورة
غلاف كتاب:  النص والسلطة والحقيقة نصر حامد أبو زيد لقد أثبتت التجربة أن "التعليم" وإصدار "صحيفة" أو "مجلة"، أو المساهمة في نشاط حزبي محاصر – كما هو الحال الآن في العالم العربي – ليس كافيًا، رغم أهمية التعليم والصحيفة والمجلة والحزب. إنه ليس كافيًا في سياق الشروط الراهنة التي تجعل من السهل تغيير نظام التعليم، ومن السهل إغلاق الصحيفة وإلغاء تصريح إصدار المجلة، ومحاصرة نشاط الحزب. ومعنى ذلك أنه لا بد من تغيير الشروط الراهنة، وعلى رأسها الخروج من عنق الزجاجة المتمثل في حكم النخب العسكرية أو القبلية أو الطائفية المستندة إلى حقوق الوراثة المرتكزة على مبدأي "القوة" و"القهر"، لا البوليسية وحدها، بل وسائل القهر الثقافية المتمثلة في السيطرة التامة على التعليم – خاصة الجامعات- وفي السيطرة التامة على أجهزة الإعلام من إذاعة مسموعة ومرئية ومن صحافة إعلامية متخصصة. لا بد من كسر احتكار السلطة، واحتكار ما يمثل أدوات صنع الوعي وصياغة الذاكرة على مستوى كل شعب من الشعوب العربية، وعلى مستوى الأمة كلها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالنضال من أجل إقر

قفص الحريم (مقتطفات)

صورة
غلاف الطبعة الإنجليزية وهناك تعبيير آخر هو "إن شاء الله" ولكنه أصبح يختلف عن معناه الحرفي. وبسبب الاستعمال المتكرر للكلمة أصبح الكثير من الناس لا يستخدمونها بالمعنى الإيجابي لها. وهناك مثال يوضح الارتباط بينه وبين الوقت عند المصريين، فذات مرة طلبت من سائق التاكسي أن ينتظرني حتى أنتهي من إجراء تعامل بنكي، فرد أنه سيعود إلى بعد عشر دقائق إن شاء الله، ولكن كانت هذه طريقة مهذبة ليقول إنه لن يعود. عند التخطيط لعقد اجتماع في العالم العربي فإن غير العرب لا يهتمون بموقف العرب من الوقت. يتساءل بعض منا نحن الغربيين في إحباط إن كان الاجتماع سيبدأ في الموعد المحدد، وتكون الإجابة نعم إن شاء الله، ولكن قد يعني ذلك أنه لن يبدأ في الموعد المحدد، وعندما يستخدم محفوظ هذه التعبيرات في رواياته فإننا نفهم المعنى المقصود في تلك الثقافة بدلا من المعنى الحرفي. *** *** ***

السجن

صورة
هنا بلغت أعلى مراحل الاستحباس. أعني أن يعيش المرء حياة السجن كأنه يعيش في بيته، أن يطور خصوصية وحرية وهو في ذلك المعزل المخصص لحرمانه من الحرية والخصوصية، أن ينجح في ترويض الوحش الذي وضع في القفص كي يفتك به. علمًا أن الوحش فتك بكثيرين منا فعلًا، وكنا في القفص نفسه.  الاستحباس يلخص تجربتي الشخصية في السجن، روضته بأن روضت نفسي له. وانحبست جيدًا بأن استحبست.  مقطع من: قراءات الصبر/ ياسين الحاج صالح مجلة عالم الكتب مارس/ أبريل 2015 ع86/87 *** *** ***      أكرر أن المستوى لم يكن مهمًا، والمهم أنها كانت -الأنشطة الثقافية- ضرورة وجزءًا أساسيًا من أي حبسة. وفي حبسة سجن طرة عام 1980 التي دامت عدة شهور عقدت كمية هائلة من الندوات والمناقشات، فقد انتزعنا حقنا في تخصيص زنزانة ذات حجم لا بأس به للندوات، وعندما يزداد العدد كنا ننقل اللقاء إلى باحة العنبر.  في تلك الحبسة تحديدًا، كان مستوى الندوات محترمًا حول نمط الإنتاج الأسيوي مثلا، أو طبيعة السلطة، أو مطالب الحد الأدنى أو ما شابه، وهي أمور كنا نأخذها بجدية شديدة، بل وفي أحيان قليلة كنا نشتبك في معارك حقيقية بشأنها. ف

مقطعين من كتاب الصانع لبورخيس

صورة
غلاف الكتاب وتضيف القصة أنه قبل موته أو بعده وجد نفسه أمام الرب، وقال: “أنا الذي كنت عدة أشخاص بلا طائل، أريد أن أكون شخصًا واحدًا، أنا نفسي". أجاب صوت الرب من زوبعة: “أنا نفسي لم أكن نفسي، فقد كنت أحلم بالعالم، كما كنت تحلم أنت بعملك، يا شكسبيري، وبين صور أحلامي تكمن أنت الذي كنت، مثلي، كثيرين ولا أحدًا"  (من نص: كل شيء ولا شيء) *** ***  ***  في الأحلام – كما يقول كوليرج – تمثل الصور الأحسايس التي نتصور أنها تبعثها: أي أننا لا نشعر بالرعب لأن أبا هول ما يهددنا، بل نحلم بأبي الهول لكي نفسر الرعب الذي نشعر به.  (من نص: راغنا روك)