المشاركات

الفاكهة المحرمة

صورة
بول كيرتز إن السلوك الأخلاقي العليائي الديني يدعو إلى الوصايا المطلقة المستمدة من الرب، ولكن هذه في الغالب ليست أكثر من إنعكاس لما هو سائد في التراث السلوكي لشعب ما. على العكس من ذلك فإن علم الأخلاق الفلسفي هو سعي لإيجاد بعض الأساس العقلاني للسلوك. ثمة اختلاف مميز بين هذين السبيلين نحو السلوك: الأول يعرض مجموعة من المطلقات التي لا تقبل الجدل للإرشاد نحو السلوك، ويأخذ الثاني هذه الأشياء كونها معلومات للتأمل فيها وتحليلها وتعديلها. عندما ينشغل الفلاسفة في البحث الأخلاقي ويفكرون عميقًا في القيم الأخلاقية، يبدأ الاستبداديون بالشعور بالضيق؛ عندما يشير الشكوكيون أن في دراسة السلوك الأخلاقي ثمة غالبًا الصراع بين الحقوق والواجبات والقيم، وأن ما هو حري به أن يقوم هو يمكن أن يقرر فقط بالرجوع إلى المواقف الملموسة، فإن نقادهم يشجبون "علم أخلاق المواقف". إنهم يدعون إلى معاييرهم الأخلاقية الثابتة ويصرون أن من غير الحقائق الخالدة تكون الأخلاق خادعة... ... إنني لا أقصد إدانة كل شيء حول أنظمة السلوك الأخلاقي الدينية. ففي أفضل الأحوال، ألهمت الأخلاقية الدينية الولاء لل

المعرفة والسياسة

صورة
غلاف كتاب:  النص والسلطة والحقيقة نصر حامد أبو زيد لقد أثبتت التجربة أن "التعليم" وإصدار "صحيفة" أو "مجلة"، أو المساهمة في نشاط حزبي محاصر – كما هو الحال الآن في العالم العربي – ليس كافيًا، رغم أهمية التعليم والصحيفة والمجلة والحزب. إنه ليس كافيًا في سياق الشروط الراهنة التي تجعل من السهل تغيير نظام التعليم، ومن السهل إغلاق الصحيفة وإلغاء تصريح إصدار المجلة، ومحاصرة نشاط الحزب. ومعنى ذلك أنه لا بد من تغيير الشروط الراهنة، وعلى رأسها الخروج من عنق الزجاجة المتمثل في حكم النخب العسكرية أو القبلية أو الطائفية المستندة إلى حقوق الوراثة المرتكزة على مبدأي "القوة" و"القهر"، لا البوليسية وحدها، بل وسائل القهر الثقافية المتمثلة في السيطرة التامة على التعليم – خاصة الجامعات- وفي السيطرة التامة على أجهزة الإعلام من إذاعة مسموعة ومرئية ومن صحافة إعلامية متخصصة. لا بد من كسر احتكار السلطة، واحتكار ما يمثل أدوات صنع الوعي وصياغة الذاكرة على مستوى كل شعب من الشعوب العربية، وعلى مستوى الأمة كلها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالنضال من أجل إقر

قفص الحريم (مقتطفات)

صورة
غلاف الطبعة الإنجليزية وهناك تعبيير آخر هو "إن شاء الله" ولكنه أصبح يختلف عن معناه الحرفي. وبسبب الاستعمال المتكرر للكلمة أصبح الكثير من الناس لا يستخدمونها بالمعنى الإيجابي لها. وهناك مثال يوضح الارتباط بينه وبين الوقت عند المصريين، فذات مرة طلبت من سائق التاكسي أن ينتظرني حتى أنتهي من إجراء تعامل بنكي، فرد أنه سيعود إلى بعد عشر دقائق إن شاء الله، ولكن كانت هذه طريقة مهذبة ليقول إنه لن يعود. عند التخطيط لعقد اجتماع في العالم العربي فإن غير العرب لا يهتمون بموقف العرب من الوقت. يتساءل بعض منا نحن الغربيين في إحباط إن كان الاجتماع سيبدأ في الموعد المحدد، وتكون الإجابة نعم إن شاء الله، ولكن قد يعني ذلك أنه لن يبدأ في الموعد المحدد، وعندما يستخدم محفوظ هذه التعبيرات في رواياته فإننا نفهم المعنى المقصود في تلك الثقافة بدلا من المعنى الحرفي. *** *** ***

السجن

صورة
هنا بلغت أعلى مراحل الاستحباس. أعني أن يعيش المرء حياة السجن كأنه يعيش في بيته، أن يطور خصوصية وحرية وهو في ذلك المعزل المخصص لحرمانه من الحرية والخصوصية، أن ينجح في ترويض الوحش الذي وضع في القفص كي يفتك به. علمًا أن الوحش فتك بكثيرين منا فعلًا، وكنا في القفص نفسه.  الاستحباس يلخص تجربتي الشخصية في السجن، روضته بأن روضت نفسي له. وانحبست جيدًا بأن استحبست.  مقطع من: قراءات الصبر/ ياسين الحاج صالح مجلة عالم الكتب مارس/ أبريل 2015 ع86/87 *** *** ***      أكرر أن المستوى لم يكن مهمًا، والمهم أنها كانت -الأنشطة الثقافية- ضرورة وجزءًا أساسيًا من أي حبسة. وفي حبسة سجن طرة عام 1980 التي دامت عدة شهور عقدت كمية هائلة من الندوات والمناقشات، فقد انتزعنا حقنا في تخصيص زنزانة ذات حجم لا بأس به للندوات، وعندما يزداد العدد كنا ننقل اللقاء إلى باحة العنبر.  في تلك الحبسة تحديدًا، كان مستوى الندوات محترمًا حول نمط الإنتاج الأسيوي مثلا، أو طبيعة السلطة، أو مطالب الحد الأدنى أو ما شابه، وهي أمور كنا نأخذها بجدية شديدة، بل وفي أحيان قليلة كنا نشتبك في معارك حقيقية بشأنها. ف

مقطعين من كتاب الصانع لبورخيس

صورة
غلاف الكتاب وتضيف القصة أنه قبل موته أو بعده وجد نفسه أمام الرب، وقال: “أنا الذي كنت عدة أشخاص بلا طائل، أريد أن أكون شخصًا واحدًا، أنا نفسي". أجاب صوت الرب من زوبعة: “أنا نفسي لم أكن نفسي، فقد كنت أحلم بالعالم، كما كنت تحلم أنت بعملك، يا شكسبيري، وبين صور أحلامي تكمن أنت الذي كنت، مثلي، كثيرين ولا أحدًا"  (من نص: كل شيء ولا شيء) *** ***  ***  في الأحلام – كما يقول كوليرج – تمثل الصور الأحسايس التي نتصور أنها تبعثها: أي أننا لا نشعر بالرعب لأن أبا هول ما يهددنا، بل نحلم بأبي الهول لكي نفسر الرعب الذي نشعر به.  (من نص: راغنا روك)

رأس الحكمة

صورة
By: Henrik Nilsson ولأن البوم يمتلك رأسًا تشبه رأس الإنسان، فإننا نشير له ب"الطائر العجوز الحكيم". في الحقيقة لا يضاهي طائر البومة حكمة الغراب أو الببغاء، لكننا نحسبه حكيمًا لأنه ببساطة يشبهنا من الخارج. المقطع مقتطف من:  البومة: التاريخ الطبيعي والثقافي ديزموند موريس ترجمة: عزيز صبحي جابر مراجعة: د. أحمد خريس هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)، 2010

بورخيس: أستاذ من مونتريال

صورة
بورخيس حوار: دون بيل ترجمة: محمد هاشم عبد السلام دون بيل : من المحير نوعًا أنك لم تكتب شيئًا يزيد عن عشر أو اثنتي عشرة صفحة، رصيدك الذي تطلق عليه "قصيصات (ficciones)، أو قصصًا، هل يختلف عن القصة القصيرة؟ كيف تصف القصيصات؟ بورخس: أعتقد أنني سأصفها كقصة قصيرة، نعم. لكن فيما يتعلق بكتابتي للنصوص القصيرة. يمكنني اعطاؤك سببين الأول هو كسلي المنيع الذي لا يقهر، والثاني هو أنني مغرم دائمًا بالقصص القصيرة، ودائمًا ما تعترضني بعض المشاكل في إتمام قراءة رواية باستثناء حالة بعض الكتب، مثل حسنًا، "أوراق بيكويك"، "الفنلندي هوكليبيري"، "دون كيخوتة"، "لورد جيم لكونراد"، وأمثال ذلك. إضافة إلى أنني مهتم جدًا "بكيبلينج"، واكتشفت أنه في نهاية حياته كان قادرًا على العودة إلى القصة القصيرة، كالعديد من الناس، أو في الحقيقة أكثر مما يكون عليه الأمر بالنسبة للرواية. وأعتقد أني ربما سأجرب يدي مستعينًا بهذه الحيلة، كتابة مجموعة من القصص القصيرة بعناية شديدة. على الرغم من أنني كسول جدًا عندما أكتب، إلا أنني لست بهذا الكسل عندما أفكر ف