المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف عن الكتابة

شيطان فؤاد حداد: تأملات

صورة
قصيدة الشيطان لفؤاد حداد من أحب القصائد لقلبي، وهي قصيدة بتتكرر في ذهني كتير، وباستدعيها باستمرار، ومع حبي ليها كنت حاسس دايمًا إن في أجزاء منها بتشاور على مناطق محتاج أعرف عنها أكتر. وفيها إشارات وإحالات ما كنتش فاهمها بالكامل، فهمتها أكتر مع الوقت مع قراية قصائد ودواوين تانية لفؤاد ساعدني الربط والتأمل على تكوين صورة متكاملة. هنا أنا هكتب عن القصيدة، وهو كلام مش نقد وقد يكون غير مفيد لكتير. بس حبيت أسجله لنفسي على الأقل.  (في اختراع الأمل)      فؤاد حداد كان لما الدنيا بتضلم يقول إنها ضلمة بس ف نفس الوقت يحلم بنهار، دي طريقته؛ عشان كدا قال في قصيدة اسمها "يا ليل أسمر": "أنا في اختراع الأمل صاحب عشر براءات"، وهي قصيدة للي يقراها فيها حزن وشجن، فيها كلام عن السجن والموت، بس فيها أمل وحلم بمستقبل أحسن، مسجون بس بيحلم بالحرية: "حلمت يا أهل الجناين سعيكم مشكور وصحيت ملك والشجر واقف يعظم لي وجمعت بيهم على كل العرب شملي نازل من النخلة أم طاقية بحريّة حصاني مركب ف وقف المحكمة مذكور" وبينهيها: "الحق بالحق لا بأصول ولا تقليد وأنا لسة باجري كإني في الواحات ما

الشعر والإلهام عند الإغريق (مقتبسات)

صورة
وكما يتضح بالفعل من أقدم الإشارات، كانت "المدينة الدولة" الإغريقية القديمة والدعوة القومية الإغريقية هما الإطار الذي تم فيه التمييز بين الشعر والنبوءة، وهو ما تعكسه كلمة "مغني" "aoidos" من ناحية، وكلمتا "عراف" "mantis" و"رسول" "kerux" من الناحية الأخرى. Francois Girardon - Apollo and the Six Nymphs, 1673  ولقد سبق ورأينا كيف دخل العراف والرسول في فئة الصناع الحرفيين "demiourgoi" مثلهما مثل المغني. وبينما يماثل مفهوم "المغني" مفهومنا الحديث لكلمة الشاعر، فإن كلمتي"عراف" "mantis" و"رسول" "kerux" تماثلان معًا بالكاد مفهومنا الحالي لكلمة "عراف". ولقد سبقت تلك المرحلة التي حدث فيها التمييز مرحلة أخرى مبكرة كانت فيها وظيفة الشاعر والعراف واحدة دون تمييز بينهما. وتتضح هذه المرحلة في الإشارات التي ترد في ملحمة "أنساب الآلهة" حيث يقول هيسيودوس إن ربات الفنون ظهرن له على جبل هيليكون Helicon ووهبنه نعمة الصوت المقدس الذي يمكنه، ليس فقط من التغ

أن تحكيَ حُلمًا

صورة
أحمد ع. الحضري يحدث أحيانًا أن يتقدم الحالم في حلمه كما يتقدم الكاتب في العمل على مسودته الأولى؛ يتضمن كلاهما القيام بكثير من الشطب والتعديل أثناء التقدم. يحدث مثلًا أن يتم تبديل وجه أو صفة، دون تغيير الاسم، أو الدور الذي يقوم به في الحكاية. كأن اللاوعي الحالم، اكتشف وجهًا آخر أكثر ملائمة، أو ربما لأن التماسك المنطقي ليس من شروط الحلم (الجيد)، يقوم اللاوعي بتغيير ما يناسب أثناء عمله، يركز على المشاعر والرموز مضحيًا بتماسك الأماكن والأزمنة والهويات. Dali Atomicus, By: Philippe Halsman (1948) يحدث أحيانًا أثناء الحلم، أن تتم إضافة موقف أو حدث، يحتاج لكي يؤدي دوره في قصة الحلم أن يكون له جذرٌ ما: حدثٌ ماضٍ يفترضه الموقف الحالي، قد يقوم الحلم هنا بإضافة التفصيلة المفتقدة إلى الأحداث، يقوم بحشرها ببساطة كما قد يفعل الكاتب في مسودة نصه. تظهرُ بعض التفاصيل فجأة كذكريات، تجد نفسك وأنت تتذكر بشكلٍ غامض حدثًا مررت به يوضح لك ما يحدثُ الآن، حدثًا لم يكن حاضرًا في عقلك من قبل، كأنه قد هبط عليك فقط في هذه اللحظة، كأنك اكتشفت الذكرى للتو. ربما يكون هذا التلاعب هو الطريقة التي يكتب بها الحل

الفن والحرية (اقتباس)

صورة
ولقد كان الفنان في ذلك المجتمع ومضطرًا إلى العمل في ظروف من القهر لو طبقنا عليها النظريات الجمالية التحررية الحديثة، لاستحال أساسًا إنجاز أي عمل ثقافي أصيل منذ البداية. ومع ذلك فإن بعضًا من أروع الأعمال الفنية قد ظهرت هنا في الشرق القديم، على وجه التحديد، وذلك في ظل أقسى ضغط يمكن تصوره، مما يثبت أنه لا توجد علاقة مباشرة بين الحرية الشخصية للفنان وبين القيمة الجمالية لأعماله. ذلك لأن من الحقائق التي ينبغي الاعتراف بها أن كل مقصد للفنان ينبغي أن يشق طريقه خلال شبكة شديدة الإحكام. فكل عمل فني ينتج بفضل التوتر بين سلسلة من المقاصد وسلسلة من العوامل التي تقاوم تحقيق هذه المقاصد -أعني توترًا بين عوامل مقاومة مثل عدم السماح بموضوعات معينة، ومظاهر التعصب الاجتماعي، وسوء الحكم لدى الجماهير، وبين المقاصد التي إما أن تكون قد استوعبت بالفعل عوامل المقاومة هذه، وإما أن تقف في وجهها صراحة ودون مواربة. فإذا كانت عوامل المقاومة في اتجاه معين مما يستحيل التغلب عليه، فعندئذ تتحول ملكة الابتكار لدى الفنان وقدرته على التعبير إلى هدف لا يعترض طريقه شيء، ولكنه نادرًا ما يكون لديه مجرد الشعور بأن

المفارقة

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) في إحدى قصائد الهايكو اليابانية يقول الشاعر: «كانت العصافير تطيرُ من فزَّاعةٍ إلى أخرى.» والاقتباس الوارد هنا هو القصيدة كلها لا مقطع منها؛ فقصائد الهايكو معروفة بتكثيفها الشديد. لكن القصيدة هنا رغم قِصَرِهَا تحمل مفارقة تلفِت الانتباه، وتدفع إلى الابتسام. ففي صورةٍ بصريةٍ - تبدو عاديةً- تم الْتِقاطها ببراعة، يلمح الشاعر التناقض الظاهر بين دور الفَزَّاعة المفترض، وحالها الفعلي في هذه اللحظة. وبالْتِقاطه للحظة في تكثيف، وشاعرية، وصياغة محكمة يبرز التناقض المحبَّب.  By: M.C. Escher تقول قصيدة هايكو أخرى: «بائع المراوح … يحملُ حِملًا من الهواء … يا للحرارة!» في هذا النص القصير للغاية أكثر من مفارقة؛ تظهر المفارقة الأولى في تعبيره «حِملًا من الهواء.» الهواء كما نعلم خفيف للغاية، حتى إننا نستخدم الكلمة للتعبير عن الخفة المتناهية، لكن القصيدة هنا من خلال الصياغة البارعة تجعل البائع يرزح تحت حِملٍ من الهواء. تكمن المفارقة الثانية في أن من يحمل حِمل الهواء ويبيعه للآخرين لكي يقاوموا به حرارة الجو، هو أكثر من يقع فريسة لهذه الحرارة، خصوصًا مع حمله ال

الأحلامُ نصوصٌ أدبية

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (1) في رواية «مائة عام من العزلة» للروائي العالمي «جابرييل جارثيا ماركيز» حكاية صغيرة عن فتاة شديدة الجمال عاشت في «ماكوندو» وأَحَبَّها كثيرٌ من الرجال. تصِف الرواية مشهدًا جميلًا تصعد فيه «ريميديوس» إلى السماء بينما كانت تقومُ بطيِّ الملاءات. يحكي ماركيز كيف أن هذا المشهد كان مستوحًى من حدثٍ حقيقيٍّ جرى في قريته، قرَّرَتْ في سياقه إحدى النساء -بعد هروب حفيدتها مع أحد شباب القرية- أن تغطِّي على ما حدث بالفعل، بحكايةٍ عن صعود الفتاة إلى السماء. يقول أيضًا إن تفصيلة صعودها إلى السماء حين كانت تطوي الملاءات تحديدًا أتته حين رأى في أحد الأيام امرأة تجمع الملاءات أثناء هبوب رياح عنيفة. في هذا المشهد اختار ماركيز أن يحكي فقط ما قالته الجَدَّة، متجاهلًا الحدث الواقعيَّ الأصليَّ، أضاف بعض عناصر من مشاهد مختلفة لتكتمل الصورة التي تناسب سياق الرواية. ومن خلال عملية الاختيار والتكثيف التي قام بها أثناء خلقه للمشهد، نجح في صياغة مشهدٍ مبهرٍ، يروي فيه حكايةً غير منطقية بمعايير الحسِّ اليوميِّ العادي، لكنها في سياق الرواية حين يتم توظيفها بشكل سليم، تكون شديدة الإي

بهجة الشعر (اقتباس)

صورة
بقلم:  ديلان توماس وجربت يدي الغرة، كل شكل شعري تقريبًا،  فكيف يمكنني أن أتعلم سر الصنعة إذا لم أحاول أن أقوم بالعمل بنفسي! تعلمت أن الأساليب الرديئة تأتي بسهولة، أما أسرار الصنعة الجيدة التي تساعدك في قول ما تظن أنك ترغب في قوله بأكثر الطرق المؤثرة ذات المعنى، فما زلت أتعلمها –في صحبة جادة عليك بتسمية هذه الوسائل بأسماء مختلفة: حيل تكتيكية مثلا، أو تجارب في فن نظم الشعر ... إلخ.  *** *** *** لوحة بعنوان بعث ( Resurrection ) للفنان صلاح عناني أنا أستخدم كل شيء لأجعل قصائدي تعمل وتسير في الاتجاه الذي أريده لها، وسائل قديمة أو جديدة، تورية، كلمات منحوتة أو مركبة، تناقض ظاهري، إشارات تلميحية، جناس، استعمال الألفاظ استعمالا خاطئًا، العامية، التناغم السجعي، القوافي اللينة، التناغم المطلق المفاجئ، كل حيلة أو وسيلة موجودة في اللغة يمكنك أن تستخدمها إذا أردت، على الشعراء أن يمتعوا أنفسهم أحيانًا، تحريف ولف الكلمات، واختراع ونحت كلمات جديدة .. كلها أجزاء من عملية الفرح التي هي جزء من العمل المؤلم الإرادي. 

زجاجٌ نصفُ معتم

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) تتحدَّثُ مع صديقٍ لك، فتُحسُّ أن ما تريدُ قوله يقف تقريبًا في متناول أصابعك، تكادُ أن تمَسَّه، لكنكَ لا تستطيع، تتلجلج لوهلةٍ، كأنَّ الكلمات تقفُ على طرف لسانك، لكنها لا تريدُ أن تخرج، فتبدأ من جديد: «كأن …» اللوحة لفان جوخ vincent van gogh الشِّعرُ أحيانًا كالحُلم؛ مليء بالسِّحر، لكنه لا يخلو من الغموض، وكالحلم الذي تعلَّمنا ألا نُشيح بأنظارنا عنه حين لا نفهمه بالكامل، سنُعيدُ قراءة القصيدة مرةً ومرة، حتى نتواصل معها، دون أن نتأكَّد من معناها بالكامل أحيانًا. ينظرُ أحدهم إلى النص، فيصرفُ نظرَه عنه سريعًا؛ قد يقولُ البعض كما قيل لأبي تمام: «لمَ لا تقولُ ما يُفهم؟!» سيُراهنُ آخر على أن الشاعر نفسه لا يعرف معنى ما كتبه؛ يتحيزُ هنا للسهل، والواضح، والبسيط، مع أن الحياة ليست واضحةً دائمًا، وأحيانًا أنتَ لا تفهم ما في داخلكَ بشكلٍ كامل.كأعمى يحاول أن يعرِّف العين، أو المرآة، أو المصباح، ستحاولُ أن تتحدَّث عن هذا الذي لا تستطيع الإمساكَ به بشكلٍ كامل، من خلال استخدام مفرداتٍ وصورٍ لأشياء تعرفها، وتَألَفُها. سيغدو المعنى أحيانًا عصفورًا عنيدًا، يه