أن تحكيَ حُلمًا
أحمد ع. الحضري
يحدث أحيانًا أن يتقدم الحالم في حلمه كما يتقدم الكاتب في العمل على مسودته الأولى؛ يتضمن كلاهما القيام بكثير من الشطب والتعديل أثناء التقدم. يحدث مثلًا أن يتم تبديل وجه أو صفة، دون تغيير الاسم، أو الدور الذي يقوم به في الحكاية. كأن اللاوعي الحالم، اكتشف وجهًا آخر أكثر ملائمة، أو ربما لأن التماسك المنطقي ليس من شروط الحلم (الجيد)، يقوم اللاوعي بتغيير ما يناسب أثناء عمله، يركز على المشاعر والرموز مضحيًا بتماسك الأماكن والأزمنة والهويات.
Dali Atomicus, By: Philippe Halsman (1948) |
يحدث أحيانًا أثناء الحلم، أن تتم إضافة موقف أو حدث، يحتاج لكي يؤدي دوره في قصة الحلم أن يكون له جذرٌ ما: حدثٌ ماضٍ يفترضه الموقف الحالي، قد يقوم الحلم هنا بإضافة التفصيلة المفتقدة إلى الأحداث، يقوم بحشرها ببساطة كما قد يفعل الكاتب في مسودة نصه. تظهرُ بعض التفاصيل فجأة كذكريات، تجد نفسك وأنت تتذكر بشكلٍ غامض حدثًا مررت به يوضح لك ما يحدثُ الآن، حدثًا لم يكن حاضرًا في عقلك من قبل، كأنه قد هبط عليك فقط في هذه اللحظة، كأنك اكتشفت الذكرى للتو. ربما يكون هذا التلاعب هو الطريقة التي يكتب بها الحلم بين سطور الحلم حدثًا في الماضي (ماضي الحلم).
يحدث أحيانًا أثناء عملية الحشر هذه أن تنتبه إلى دورك كحالم، قد تبررُ: ربما حدثت هذه الذكرى في حلمٍ آخر قريب، تفكرُ في هذا للحظة ثم تواصل التقدم في الحلم. أذكر هنا مشهدًا من الجزء الأول من سلسلة ماتريكس حين يراقب البطل قطة تمر من أمامه مرتين بنفس الطريقة، يوضح زميله له: يحدث أحيانًا حين تقوم المصفوفة بعملية تعديل ما، أن يحدث خلل طفيف، قد يتجلى كحدثٍ يتكرر.
في اليقظة أثناء حكي الحلم، تربكنا مثل هذه اللحظات، تغير الهويات، الأحداث التي يختلف توقيت ظهورها عن توقيت حدوثها المفترض، لذلك في الغالب لا نقوم أبدًا بحكي الحلم كما حدث، غالبًا ما نقوم بتغييرات أثناء الحكي بوعيٍ أو دون وعي، تجعل الحدث مناسبًا أكثر من وجهة نظر الوعي.
تعليقات
إرسال تعليق
أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء