صناعة الكتب الإلكترونية تقيد الكتب الإلكترونية

  بقلم: أحمد ع . الحضري
 

     مقال مثير للاهتمام منشور في جريدة الإيكونوميست (The e-book business Binding books) يتحدث عن حالات تم مسح مكتبات إلكترونية من أجهزة القارئ الإلكتروني كندل للمستخدمين
من قبل أمازون لأسباب مختلفة، منها حماية حقوق الملكية الفكرية، أو ارتباط حساب المستخدم بحساب ما سبق حجبه. المقال يناقش المسألة ويوضح كيف أن هذا الأمر جديد جدا في عالم الكتب، فلم يكن من الممكن ولا من المتصور مثلا أن يقوم بائع كتب ورقية بتدمير مكتبة مشتري ما لأي سبب. وهو هنا يوضح كيف أن ما يحدث حقيقة في أغلب المواقع ليس عملية شراء كتب، بل أقرب إلى تأجير، فالمشتري لا يستطيع أن يعيد بيع الكتاب أو أن يعيره، وهذه المعلومات مذكورة - لكنها مدفونة وسط ثرثرة ضخمة وطويلة- في اتفاقيات الشراء التي لا تتم قراءتها عادة. 


     في الجانب الآخر يذكر المقال، أن هذه الخسائر التي تحدث عنها، لا يعاني أصحابها معاناه ضخمة، فهي في النهاية كتب يمكن استردادها بسرعة، وربما يعاني الناشرون الإلكترونيون من مخاوف بخصوص الملكية الفكرية أكبر من التي لدى الناشرين الورقيين، فالمخاوف من النسخ غير القانونية وإعادة البيع أكبر بكثير في حالة الكتاب الإلكتروني. في النهاية الكتاب الإلكتروني منتج مختلف، ولو أن نجاح هذا المنتج سيتطلب تغيير طبيعة العلاقة بين الناشر والقارئ فلنفعل، فقط نحتاج إلى بعض الشفافية.

     تعليقات القراء على هذا المقال جاءت مفيدة للغاية وثرية، وبها بعض التوضيحات والآراء المهمة، فمثلا أحدهم يوضح كيف أن حق استخدام الكتب المشتراه من أمازون مرتبط بحساب كندل الذي يملكه المستفيد، وبالتالي فالكتب التي يمتلكها لن تنتقل إلى الورثة، ويعتبر أن هذه سرقة. يعلق آخر على قدرة باعة الكتب الإلكترونية على استردادها دون تحذير، ويقول، واحد من الأسباب التي جعلتني أشتري قارئ إلكتروني مختلف (Kobo ereader) هو أن اتفاقيات الاستخدام الخاصة بها، أقرب إلى اتفاقيات الكتب الورقية، وبالتالي لا يستطيعون استردادها.

     التعليقات كانت من كل أنواع الشخصيات، فمثلا يقول آخر مشغول على مايبدو بفكرة نهاية الحضارة ونهاية العالم بمسحة من المزاح: " لهذا اشتريت لفوري نسخة ورقية من الموسوعة البريطانية، وعندما تنهار الحضارة كما هو محتم سأكون هنا أقرأ عن هنري الثامن على ضوء الشموع. بينما تتجول جموع من صاروا دون كتب الشوارع بأسمالهم البالية، محاولين إيجاد طريقة لشحن الآي باد الخاص بهم. ولو صارت الظروف سيئة للغاية يمكنني أن أحرق بعض مجلداتها للتدفئة"؛ فيرد عليه أحدهم: "يظل جهاز كندل الخاص بي مشحونًا لمدة شهرين دون الحاجة إلى إعادة شحن وفي نفس الوقت هو يغنيني عن النادي.  هذا الوقت سيكون كافٍ جدًا لأعرف أين تعيش أنت لكي أستطيع القراءة :)"

     يناقش قارئ آخر نفس النقطة فيقول: "أقدم كتاب في مكتبتي هو نسخة باللغة اللاتينية من الإنجيل يرجع تاريخها إلى عام (1473) وهي مازالت مقروءة، لكني لا أستطيع أن أقول نفس الشيئ على الكتب التي كانت على الأقراص المرنة (الديسكات: floppy disks) التي مازالت لدي منذ عام 1980."

     آخر منشغل بفكرة الخصوصية يوضح أن البرنامج سيمد أمازون بكل أنواع المعلومات المتعلقة بالمجموعات الإلكترونية على جهاز كندل الخاص بك والأجهزة المدعومة، لكي يتم استخدامها (كآخر صفحة قرأتها، وأرشفة المحتويات). ثم يقتبس من
اتفاقية أمازون للاستخدام (Source: Amazon Kindle Terms of Use; Version: September 6, 2012)؛ الفقرة التالية: "[معلومات تتضمن] الحواشي التفسيرية annotations، والعلامات/ المفضلات bookmarks، والملاحظات، والتظليلات، والعلامات الأخرى المشابهة التي تقوم بعملها مستخدمًا جهاز كندل، قد يتم اختزانها"، ثم يقول: " سؤالي، أمازلت حقًا ترغب في شراء جهاز كندل؟"؛ فيرد عليه آخر "لا: لنفس السبب الذي جعلني أمسح حساب الفيس بوك الخاص بي، وأتجنب خدمات جوجول بقدر الإمكان". آخر يعلق : "الإخوة الكبار يشاهدونك (يشير إلى رواية 1984) هم يعلمون أنك تقرأ روايات إباحية"
 
     من ناحية أخرى يشير قارئ إلى أن كل هذه الحماية تكون مفيدة فقط في إزعاج من يدفعون، أما من لا يتقيدون بالقانون سيحملون كتبهم ببساطة بعد أن يتم نزع ال (DRM) [ أجزاء برمجية تقيد النسخ وتكفل السيطرة على الكتب وهي اختصار : (Digital rights management)]، لا بد أن يدركوا أن المنافس الحقيقي للسلع الإلكترونية ليست هي السلع الواقعية، بل القرصنة. 

     في الطرف الثاني يرد قارئ: لا أفهم هذه الضجة التي تثيرونها، أنا أحب القراءة لكني لا أهتم بالكتب نفسها، شراء الكتب الإلكترونية مناسب وسهل في النقل والتوصيل، لم تنته مساحة التخزين لدي، لكن عندما تقل سأمسح كتب منه، ما الفكرة في التعلق بكتب إلكترونية، لو أنك تحب الكتب لهذه الدرجة اشتر كتبًا ورقية تصلح لكل الأجيال. آخر ينوه إلى أننا لا يجب أن نأخذ جهاز كندل كممثل لكل الأجهزة الموجودة، فهناك أجهزة أخرى تتعامل بشكل مختلف. آخر يؤكد نفس النقطة، بالإشارة إلى وجود ناشرين آخرين يبيعون بالفعل الكتب (لا يؤجرونها) .

تعليقات

  1. مقال مهم يا أحمد.. موضوع الملكية الفكرية هذا له جانبان: أولهما أنه يحافظ على حقوق الكاتب، ويقوض- بقدر الإمكان- القرصنة..ثانيهما أنه يصبّ في مصلحة شركات النشر مثل أمازون وغيرها.. نوع من السيطرة الرأسمالية على مصير الفرد وقوته لو أخذت رأيي.. في النهاية أن مسرور بحدوث هذا- بغضّ النظر عن اختلافي أو اتفاقي معه- لأن هذا معناه أن ثقافة الكتاب الألكتروني بدأت تنتشر بشدة، وبدأت تفرز تساءولات مهمة.. تحياتي

    ردحذف
  2. الموضوع متشابك بالفعل يا عارف، وله جوانب مختلفة ، وكل جانب منها له وجاهة ما فليس هناك صحيح مطلق أو خطأ مطلق .. شكرا على تعليقاتك المفيدة




    ردحذف

إرسال تعليق

أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوافذ

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات