الفزاعة (خيال المآتة)

By:  Andrew Wyeth




مهما كان الهدف من الفزاعات، فهو ليس في الحقيقة إبعاد الغربان عن الحقول، فالفزاعات ملونة ومسلية ولكن الغربان أكثر ذكاءً بكثير من أن تخاف من حزمة من القش، على الأقل ليس لفترة طويلة. إذًا لماذا يستعمل الناس الفزاعات ؟


[...]


نجحت هذه الجهود المكثفة في انقاص أعداد الغربان في الحقول الأمريكية، ولكن بحلول منتصف القرن التاسع عشر بدأ المزارعون برؤية عواقب غيابها. أصبحت المحاصيل مهددة بسبب الديدان أكثر بكثير مما كانت مهددة من قبل الطيور، وبدلا من اصطياد الغربان حاول المزارعون الحد من أضرار الطيور وخاصة في الأوقات المهمة من السنة. 
 

وبمرور الوقت، بدأ العديد من المزارعين في أمريكا بالنظر إلى الغربان بنوع من حس الفكاهة العاجزة، مثلما أظهر أجدادهم البريطانيون نحو غربان الروك من قبل. وغالبًا ما تبدو الفزاعات جزءًا مما يشبه ألعاب الفطنة التي يلعبها الناس مع الغربان، ولعلهم خصومهم الأذكى بين الحيوانات، وليس هدفًا لحرب إبادة شعواء، وفي الحقيقة لا تقوم الغربان بإيذاء المزارعين بالقدر الذي تخيفهم به، وربما تكون الفزاعات محاولة لرد المجاملة، حيث تعمل أفضل الفزاعات لحوالي أسبوع أو اثنين قبل أن تكتشف الطيور أنها غير مؤذية، والعديد منها لا تقوم بعملها على الإطلاق. وفي معظم الحالات، توفر الفزاعة وقتًا كافيًا للمزارع للسماح لأكبر كمية من البذور المنثورة للاستقرار في الأرض. 


إن إحدى التقنيات القديمة هي زراعة بذور إضافية على أمل أنها ستنجو من نهب الطيور والحشرات الأخرى. وتقول إحدى الأشعار التي تغنى عند زراعة البذور والتي تعود إلى عصور الآباء المهاجرين في بدايات ماساشوستس ما يلي:
واحدة لدود الأرض،
واحدة للغراب،
واحدة للطائر الأسود،
وثلاثة لتنمو. 

[...]

ولعل أول قصة من بين العديد التي كانت فيها الفزاعات شخصيات رئيسية كانت رأس الريش Feathertop، لناثانيل هاوثورن، والتي نشرت للمرة الأولى في 1846 كجزء من مجموعة "طحالب من منزل القس القديم" حيث تحاول ساحرة من نيو إنغلند تدعى الأم ريغبي أن تصنع فزاعة أقرب ما تكون إلى الحقيقة، لتحمي حقولها من الغربان والطيور السوداء. وكان ظهر الفزاعة مصنوعًا من عصا مكنسة كانت تركبها في الليل. وكان جسم الفزاعة مصنوعًا من حلية رائعة ولكنها باهتة من لندن وباريس، ورأسها يقطينة محفورة وشعرها من الريش. ولكنها قررت أن الفزاعة كانت أفضل من أن تبقى في الحقول، فقامت بإحيائها من خلال إعطائها غليونها السحري لتدخنه، ثم أرسلتها لتتودد إلى الفتيات الشابات في المدينة. وكان رأس الريش هو اسم الفزاعة واستطاع أن يثبت نفسه كرجل فطن وله تأثير كبير. وعلى الرغم من ذلك، عندما لاحظ أنه ليس أكثر من حزمة من القش، قام الفزاعة برمي الغليون بعيدًا ومات.

 
مقاطع من: الغراب: التاريخ الطبيعي والثقافي
بوريا ساكس
ترجمة: ايزميرالدا حميدان
كلمة، أبو ظبي
_______________

اقرأ أيضًا:

ذكاء الغربان (مقتبسات)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

ألبرت أينشتاين وميليفا ماريتش: قصة حب (اقتباس)

قصائد من الشعر الأفريقي المعاصر