نظريات المؤامرة وتفسير العالم
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) أبٌ يعلِّم ابنه الصغير، فيشيرُ إلى حيوانٍ ما يَعْبُر الطريق: «هذا قِطٌّ.» ينظر الطفل باهتمام، ويردِّد خلفه. في يومٍ تالٍ يرى الطفل حيوانًا يمشي في الشارع؛ فيشير فرحًا: «قِطٌّ!» يصحِّح له أبوه: «لا، هذا كلب.» يحاول برفق أن يوضِّح له الفوارق. في اللحظة التي يشير فيها الطفل إلى كلب يمشي في الشارع باعتباره قِطًّا، نعرف أنه لا يعرف ما هو الكلب، والأهم في هذا السياق أن ندرك أنه لا يعرف كذلك ما هو القط، رغم أنه قد يكون قد تعرَّف قبلها بلحظات على قِطٍّ ما يمشي في الشارع؛ لأن كلمة ومفهوم «قِط» تكتسب معناها -وفقًا لما تعلَّمناه من العالم اللغوي «سوسير»- من خلال اختلافاتها مع الكلمات/العلامات الأخرى. فمثلًا، لا يمكنك أن تعرف ما هو اللون الأخضر إلا في سياق معرفتك للون الأزرق واللون الأصفر وبقية الألوان؛ لأن المعرفة التي تتيح لك أن تميز الأخضر عن بقية الألوان تتطلب بالضرورة أن تكون قادرًا على فَهم الاختلافات بين هذه الألوان المختلفة. لوحة دون كيشوت لبابلو بيكاسو في سياقٍ مقاربٍ يُقال عن التعريف المثالي إنه تعريفٌ جامعٌ مانعٌ.