المشاركات

الرهان على ديلان

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري في بداية مقال مثير للاهتمام نُشر في موقع New Republic قبل أسبوع تقريبًا من إعلان جائزة نوبل للآداب يُذَكرنا أليكس شيبارد (Alex Shephard) بالمفاجأة التي أثارها فوز سفيتلانا ألكسيفيتش (Svetlana Alexievich) بنوبل للآداب في العام الماضي، من ضمن ما استغربه المقال هو أن الكثيرين راهنوا على فوز سفيتلانا وقتها على موقع المراهنات Ladbrokes، يقول: "سيظل سرًا لِمَ فازَ من راهنوا على ألكسيفيتش، آخذين في الاعتبار أن نوبل تميل بشدة نحو السرد التخييلي (fiction)، وأن كتب ألكسيفيتش هي تاريخٌ شفوي يجمع بين السرد التخييلي والواقعي. في الغالب وضع أحدهم يده على القائمة القصيرة بالغة السرية للجائزة ووضع بالتالي رهانه على ألكسيفتيش." يوضح كاتب المقال لاحقًا سبب ازدهار المراهنات على نتائج الجائزة من وجهة نظره؛ فيشير إلى عدم وجود قوائم قصيرة ولا طويلة معلنة لجائزة نوبل خلافًا لجوائز أخرى كالبوكر مثلًا، وإلى عدم وجود وسيلة لمعرفة الفائز بجائزة نوبل قبل الإعلان عنها رسميًا. 

الفأر في المتاهة: كتابي الجديد

صورة
صدرت النسخة الإلكترونية من كتابي الجديد "الفأر في المتاهة"، وهي متاحة للتحميل من موقع هنداوي : من خلال الوصلة التالية:  http://www.hindawi.org/books/29203637/ صفحة الكتاب على جودريز:  https://www.goodreads.com/book/show/32507383 أتمنى أن يلاقي الكتاب إعجابكم، وأسعد بجميع التعليقات والآراء.

وصفُ الغيوم: العالم كمرآة - الذات كعالم

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) يقدِّم «دافنشي» في كتابه «نظرية التصوير» نصائح مهمة وثاقبة للفنانين، يستلهمها من خبرته العملية الطويلة، ومن موهبته الكبيرة. استوقفتني منها نصيحة وَصَفَها بأنها «نصيحة ذات نفع كبير للفنان؛ إذ تساعد على تفتيح مَلَكَاته، وإِطْلَاعه على عديد من الابتكارات، رغم أنها تبدو قليلة القيمة، بل ومثيرة للسخرية.» ونصيحته كما ترجمها «عادل السيوي» ضمن كتاب دافنشي المسمى ﺑ «نظرية التصوير» هي أن «تتأمل أيها المصوِّر الجدرانَ الملطخة، والأحجار المختلطة، فإذا كنتَ تبحث عن تصوُّرٍ لموقعٍ ما، يمكنك أن ترى فيها صورًا وأشكالًا لبلدانٍ متنوعة، تزيِّنها الجبال، وتجري فيها الأنهار، وسترى الأحجار، والأشجار، والسهول الواسعة، والتلال على اختلاف أشكالها، كما يمكنكَ أيضًا أن ترى معارك مختلفة، وأفعالًا سريعةً تقوم بها مخلوقات غريبة الأشكال، وستشاهد العديد من الوجوه والملابس وأشياءَ أخرى كثيرة لا يمكن حصرُها هنا. ويمكنكَ أن تختصر هذه الأشكال في بناء متكامل، وأشكال قيِّمة. ومن يتعامل مع تلك الجدران والأحجار، يشبه من يُنصت إلى أصوات الأجراس، فيسمع في دقَّاتها كل اسم أو حرف أو كلمة يمك

نظريات المؤامرة وتفسير العالم

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) أبٌ يعلِّم ابنه الصغير، فيشيرُ إلى حيوانٍ ما يَعْبُر الطريق: «هذا قِطٌّ.» ينظر الطفل باهتمام، ويردِّد خلفه. في يومٍ تالٍ يرى الطفل حيوانًا يمشي في الشارع؛ فيشير فرحًا: «قِطٌّ!» يصحِّح له أبوه: «لا، هذا كلب.» يحاول برفق أن يوضِّح له الفوارق.  في اللحظة التي يشير فيها الطفل إلى كلب يمشي في الشارع باعتباره قِطًّا، نعرف أنه لا يعرف ما هو الكلب، والأهم في هذا السياق أن ندرك أنه لا يعرف كذلك ما هو القط، رغم أنه قد يكون قد تعرَّف قبلها بلحظات على قِطٍّ ما يمشي في الشارع؛ لأن كلمة ومفهوم «قِط» تكتسب معناها -وفقًا لما تعلَّمناه من العالم اللغوي «سوسير»- من خلال اختلافاتها مع الكلمات/العلامات الأخرى. فمثلًا، لا يمكنك أن تعرف ما هو اللون الأخضر إلا في سياق معرفتك للون الأزرق واللون الأصفر وبقية الألوان؛ لأن المعرفة التي تتيح لك أن تميز الأخضر عن بقية الألوان تتطلب بالضرورة أن تكون قادرًا على فَهم الاختلافات بين هذه الألوان المختلفة. لوحة دون كيشوت لبابلو بيكاسو    في سياقٍ مقاربٍ يُقال عن التعريف المثالي إنه تعريفٌ جامعٌ مانعٌ.

الحوار وشبه الحوار

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) في حلقة ما من برنامجٍ «حِواريٍّ» يجلس الضَّيفان أحدهما في مواجهة الآخر، وبينهما مقدِّم البرنامج، بعد دقائق من بداية الحلقة يعلو صوتاهما، ويبدأ الاحتداد. يمكننا أن ندرك دون صعوبة من المشهد الذي نراه ومن طريقة الحوار التي نسمعها أن الطرفين هنا لا يخاطب أحدهما الآخر، هما في الحقيقة يخاطبان جمهور المشاهدين في خطب قصيرة عصبية متبادَلة يقاطع فيها كلٌّ منهما خَصمه. في هذا السياق ستُعدُّ أي بادرة من أحدهما للاقتناع بمنطق الطرف المضاد -أو مجرد الميل نحوه- ضعفًا وانهزامًا غير مقبول. كلٌّ من الضيفين جاء وهو متأكد كل التأكُّد أنه على حق وأن الطرف الآخر لا شك مخطئ، أو على الأقل هما يُظهِران ذلك. قد لا يعترفان بهذا، وربما قد لا يدركانه حتى، لكنَّ كلًّا من الطرفين قرَّر مسبقًا في هذه الحالة أنه لا يحتاج للتمعُّن في أيِّ شيء يقوله الآخر، إلا بالقدر الذي يُمَكِّنُهُ من إثبات خطئه، وإحراجه إن استطاع أمام جمهور المتفرِّجين. اللوحة لنورمان روكويل (٢) كان سقراط يقول: أنا أعرف أنني لا أعرف أيَّ شيء. لكنه كان يحب الجدل، ويحب اختبار الرجال بال

الكتابة: موهبة الاحتيال على الصمت

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) أعرف أصدقاء لا أشكُّ في امتلاكهم موهبة الكتابة والقدرة على الإبداع فيها، لكنهم لا يكتبون ولا يَعُدُّون أنفسهم كتَّابًا. وأعرف من بدأ خطواتٍ قليلةً في رحلة الكتابة، ثم توقف بعدها دون أسبابٍ واضحة. وأعرف من تقلُّ حماسته للبدء مع مرور الوقت؛ لأنه يرى أنه تأخر. ولأني أعرفهم، أفكر أن أسباب عدم إنجازهم في هذا المجال لا تتعلق بنقصٍ في الموهبة على الإطلاق، لكنَّ الأسباب تكمن في مناطق أخرى؛ ربما تتعلق بعادات الكتابة لديهم، أو أفكارهم عنها. وحين أفكر فيهم أتأكد أن الموهبةَ أو القدرة على الكتابة وحدها ليست كافية للإنجاز فيها؛ الأمر يتطلب أيضًا طريقة تفكير خاصة، وعادات عملية تسهِّل الإنجاز، وتحمِّس الكاتب. اللوحة لبيكاسو

أسئلة الفأر في المتاهة

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) فأرٌ يُوضع في المتاهة للمرة الأولى، يتحسَّس طريقه بتشكُّك، يشمشم هنا وهناك، في الجو رائحةُ قطعة من الجُبن أو الشوكولاتة يريد أن يصل لها، في المتاهة أبوابٌ، عليه أن يتعرف كيف يفتحها ليصل إلى هدفه. مع الوقت يصبح الفأر متآلفًا مع المتاهة، في المرات التالية يسير إلى هدفه بسرعة أكبر، يفتح الأبواب بالطريقة التي تَعَلَّمَهَا في المرات السابقة ليصل. في هذه المتاهة يتحول السلوك الذي تَعَلَّمَهُ الفأر مع الوقت إلى روتين؛ سلوك مألوف تُعَزِّزه المكافأة التي تنتظره في النهاية. من كثرة ما قرأنا عن هذه التجربة لسنا في حاجة إلى التكلُّم عنها كثيرًا. غرض التجربة هو معرفة كيف يعمل العقل؛ في البداية يبذل الفأر مجهودًا عقليًّا كبيرًا لاستكشاف المتاهة، ثم مع الوقت يتحول سلوكه إلى سلوك روتيني يبذل فيه قدرًا محدودًا من الطاقة الذهنية. شاهد العلماء في هذه التجربة سلوكَ الفأر وهو يتغيَّر وفقًا للبيئة ويتحول إلى روتين من خلال عملية من ثلاث مراحل تتكرر بشكل تلقائي: محفِّز، عادة، مكافأة. دورة تلقائية يخلقها العقل بشكل تلقائي.  (٢) اللوحة ل: M