من أين أنتِ حقًا؟
بقلم: زارا رحمان
ترجمة: أحمد ع. الحضري
لكن من أين أنتِ حقًا؟
تنهيدة: هذا السؤال مرة أخرى.
قل لي ما الذي تعنيه، من فضلك: هل تسألني حقًا لم أتحدث باللكنة التي أتحدث بها؟ هل هو لون بشرتي الذي حفز سؤالك؟ ربما تتساءل عن المكان الذي أعيش فيه، أو كيف انتهيت إلى المكان الذي نلتقي فيه اليوم؟ في بعض الأحيان أكون قد أجبت بالفعل سؤالك، لكن بشكلٍ ما أنت لا تقبل الإجابة.
باعتباري مواطنة بريطانية ذات أصول بنجلاديشية عشت السنوات الستة الماضية في ألمانيا وأتواجد حاليًا في الولايات المتحدة لبضعة شهور، دائمًا ما أجد صعوبة في إجابة سؤال من أين أنا، ويزداد الأمر صعوبة مع الوقت. ما الذي تودُ سماعه اليوم؟ يمكن أن أقول المملكة المتحدة (UK)، لكني لم أعش هناك منذ سنوات، ولم أعش قط في لندن، لذا لن أنبهر بحديثك عن أماكنك المفضلة فيها. يمكن أن أقول ألمانيا، لكن عندها ستفترض أنني ألمانية تتحدث بلهجة بريطانية مقنعة للغاية وستمدحني من أجلها دون استحقاق. قد أقول بنجلاديش، لكنني لم أعش أبدًا هناك لفترة أطول من ثلاثة أشهر متواصلة، وسأحس بالاصطناع إن ادعيت هذا. لكن يبدو أن هذه هي الإجابة الوحيدة التي سترضيك. يبدو أنها تلائم التصورات المسبقة التي تجعلك ترفض قبول إمكانية أن تكون امرأة سمراء (brown) من أي مكان إلا آسيا.
أنا متحيرة من اعتبارك أن هذا من حقك. ليست القضية أنك سألتني في الأصل؛ بل إعادتك السؤال، بعد أن أكون قد أجبته. لا، من أين أنت حقًا؟ هل هناك أي أسئلة شخصية أخرى سترفض بصراحة إجابتي عليها؟ هل ستقول هذا بخصوص طولي، أو مهنتي؟ يمكن أن أرفض -لا ، ليس هذا دورك؛ أن تعرف هويتي، أن ترسم الحدود حول من أستطيع أو لا أستطيع أن أكون- ولكنك تواصل نفس الأمر مرة بعد مرة.
مع هذا، لا يمكن أن أقضى وقتًا أكثر من اللازم في التفكير فيك. أقابل أمثالك بشكلٍ منتظم، على الأقل مرة كل أسبوع. الأمر مرهق. في بعض الأوقات سأقول ما أظن أنك تود سماعه أيًا كان، أي شيء يجعل المحادثة تتقدم قبل أن نصل للجزء المربك الذي تدرك فيه أنك لم تكن لتتحدث إليَّ بهذه الطريقة لو أنني كنت بيضاء.
أجد أثارًا لأمثالك من الناس على الإنترنت. أدرك أنك لابد قد شاركت في بناء النظم الإلكترونية التي أتفاعل معها، تلك النظم التي تجبرني على تحديد فقط مكان واحد، بلد واحدة، ولاية واحدة كمكان دائم لي.
في لقاءٍ على أرض الواقع، أستطيع أن أراوغ في الإجابة على السؤال، أو أن أرفضه، أو أن أغير الموضوع. أما في حالة الإنترنت، بالطريقة التي صممت بها هذه النظم، لا أستطيعُ فعل هذا. هناك، ويال إحباطي، لا أستطيع أن أرفض الأحكام التي يتضمنها سؤالك والطريقة التي تحدد بها كيف أستطيع الإجابة وكيف أستطيع تعريف نفسي.
رغم كل الأحلام المثالية في تسعينيات القرن الماضي التي تطلعت إلى الإنترنت باعتباره فضاءً لا تهم فيه حدود الدولة القومية - والتي جسد خصائصها إعلان جون بيري بارلو "استقلال الفضاء الإلكتروني"، والذي صرح فيه أن "هوياتنا قد تتوزع على عدد من الأماكن" وأن "القانون الوحيد الذي ستعترف به كل ثقافاتنا المكونة هو القانون الذهبي"*- انتهينا إلى نسخة إلكترونية تحاكي عالمنا الواقعي، لا يتم فيها التعالي فوق الحدود بل تضخيمها. لا يتم فيها تجاهل الجنسيات بل تدعيمها بدلًا من ذلك بشكلٍ أقوى، حيث يتم وضع مستخدمي الإنترنت في تصنيفات أكثر صلابة، بدلا من إضعاف الحدود كما أملنا. البيانات، وتصنيف الناس وهوياتهم صارت مهمة أكثر مما أملنا.
في مواجهة قائمة منسدلة بأسماء الدول. أفكر مرة أخرى في موضع سؤالك الحقيقي. الدول معقدة. الحدود تتغير، الدول تغير أسماءها، تنقسم، تتوحد ثانيةً. هل تواكب قائمتك الأحداث؟ من يقرر ما يجعل الدولة دولة؟ لابد أن هناك نسخ مختلفة من قوائم "كل" دول العالم، تم تفصيلها لتناسب عددًا من الأوضاع السياسية، ولتناسب ما تعترف به رسميًا منظمات مسيطرة مختلفة. لن توجد تايوان، لو أنك تبني نموذجًا للأمم المتحدة. لا توجد فلسطين، لو أنك تنشئ نظامًا للولايات المتحدة. ماذا عن الناس الذين يعيشون في ترانسنيستريا (Transnistria)، التي أعلنت نفسها كجمهورية على الحدود بين أوكرانيا ومولدافا، والتي اعترفت بها فقط ثلاث دول. أتساءل بخصوص أصدقائي الذين يعيشون في دول غير معترف بها عالميا: هل يتمكنون على الإطلاق من الإجابة على السؤال بالطريقة التي يرغبون.
حتى 2015، كانت هناك 102 منطقة داخل بنجلاديش تعد جزءًا من الهند، منها 21 منطقة تضم هي نفسها مناطق صغيرة تعد جزءًا من بنجلاديش، واحدة منها تضم بدورها جيبًا معاكسًا تابعًا للهند. يعيش تقريبا 52 ألفَ إنسان في واحدة من هذه المناطق. كيف يمكن لهذا السياق الجيوبوليتيكي المعقد أن يوضع في قائمة منسدلة؟
نظمنا الرقمية تم بناؤها بطريقة تخفي الكثير عن الفرد. تسأل: "من أين أنا"، وأنا لا أملك طريقة لأعرف بها ما الذي تعنيه، أو سبب سؤالك حتى أكون قد وصلت للنهاية. أحيانًا يظل ما تهدف إليه غير مبين إلا في التفاصيل المكتوبة بالخط الصغير، وحتى عندما أصل إليها لا أملك أي طريقة أستطيع بها أن أعرف كيف سيتم استخدام المكان الذي أدخلته في رسم صورة عني، أو في إمدادي "بأفضل خدمة" إلا بعد أن يكون فات أوان الاختيار. لكن أسوأ ما في الأمر، هو أني في أغلب الأوقات لا أملك أدنى فكرة عن مبرر سؤالك عن المكان الذي أنتمي إليه بالمرة، أو إن كانت هناك أغراض خفية لن تفصح عنها أبدًا لي: هل تبيع هذه المعلومات لطرف ثالث؟ هل تعطيها للحكومات؟ تستخدمها في رسم صورة عني حتى تستطيع أن تظهر لي إعلانات أكثر "ملائمة" تساهم في تدعيم هذه الصورة النمطية؟ كفرد، أملك قدرات محدودة على اكتشاف هذا. ليس لديك حافز لكي تعلمني، وإبقائي في الظلام يمكنك من التصنيف والتنميط كما ترغب، دون أن يعقِّد الأصل الحقيقي لهذه الصور النمطية بياناتك.
أمرٌ ما يربكني مع هذا. الهجرة قديمة قدم الزمن. كان البشر يتحركون عبر البلاد، مستكشفين، محتلين، متكيفين مع مناخات جديدة، وتاركين آخرين لقرون عديدة. بعضهم تم إجباره على الرحيل؛ بعضهم هاجر بضغطٍ الضرورة أو الرغبة. التمست المجتمعات توسيع حدودها وأخذ أراضٍ من الآخرين لقرون -هل هذا ما تريد تحقيقه هنا أيضًا؟ نوعٌ ما من الغزو الإلكتروني، حيث تفرض شروطك على الناس بحيث أنهم إذا أرادوا أن يوجدوا على المنصات الإلكترونية، لا بد أن يلعبوا بقوانينك؟
تم تنصيب نظمك لتحكم عليَّ بناء على المكان الذي أتيت منه، لكن كملايين حول العالم، لم آتِ من مكانٍ واحد. لكنك اخترت مع ذلك عدم تطوير نظم إلكترونية تسمح باختيار عدة أماكن. بدلًا من أن تكيِّف نظامك ليعكس الواقع، أنا مجبرة على الموائمة.
يبدو أن النظم الإلكترونية تجاهلت كيف يتحرك الناس بالفعل في الفضاء الجغرافي: مسألة أن بعضنا لديه أماكن محددة أو حتى عناوين على الإطلاق هو أمرٌ حديث، وفي بعض المناطق، ما زالت ثقافة الترحال قائمة. في الصومال، أكثر من ربع السكان رُحَّل؛ في منغوليا، فقط أقل من ثلث السكان ما زالوا رحلا، يتنقلون من مكان لمكان مع قطعانهم. الهجرة الموسمية من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية هي طريقة حياة بالنسبة لكثيرين، أو من البلاد الأفقر إلى البلاد الأكثر غنًى، كما يفعل عمال بنجلاديش المهاجرين إلى دول في الخليج من أجل إيجاد العمل. بالنسبة لملايين، يظل المكان ولطالما كان سائلًا ومعقدًا، ويعتمد على عدد كبير من العوامل، من المناخ إلى الاقتصاد إلى الجيوبولوتيكا.
لكن تحديد موقع وحيد باعتباره المكان الذي "يوجد" فيه المرء بشكلٍ تتعرف عليه النظم الإلكترونية جُعِلَ شرطًا مسبقًا للحياة الإفتراضية المعاصرة -على الأقل في جوانبها المالية. الآن نلجُ إلى نظمٍ مستخدمين ببطاقة إئتمان معينة، التي تتطلب حسابًا بنكيًا، والذي يتطلب بدوره عنوانًا ثابتًا. وبالطبع، تحديد البلد الأصلي ينتج عنه طريقة مختلفة في التعامل داخل هذه الأنظمة وخارجها. ترتيب وفرز الأشخاص بناءً على مكانهم المحدد يسهِّل كذلك جعله أساسًا للتمييز، وهو الأمر الذي يجعله منع السفر الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة جليًا. بالنسبة لهؤلاء الذين يكون للمكان الذي حددوه أي علاقة بأي شكل بدول لها نسبة بارزة من المسلمين، الآن هو وقتٌ مقلق.
تحت قشرة المخاوف المتعلقة بالأمن القومي، يتم إهدار حقوق بناء على تحيز مسبق ضد هذه الدول وضد ديانة. سنوات من الكولونيالية (الاستعمارية) والإمبريالية أنتجت تفاوتات ملموسة بين الشعوب ذات نتائج مستمرة، تؤدي إلى استمرار القمع والتوزيع غير العادل للنفوذ. الصور النمطية تتعزز وفقًا للدول التي نقول أننا قد أتينا منها، بعضها له أبعادٌ عنصرية، يقويها الافتقار إلى التنوع داخل الثقافة الشعبية، بالإضافة إلى الجهل بالآخر.
أفكر مرتين قبل أن أذكر بنجلاديش في أي مكان على الإنترنت؛ في أغلب الأوقات أقرر أن أفعل هذا على أي حال. أنا محظوظة رغم ذلك: أستطيع أن أختار بين بضعة بلدان، منها بلدان -بريطانيا وألمانيا- يمنحانني امتيازات أكثر. أحيانًا ما يعمل هذا لصالحي. لهجتي البريطانية تمنحني اطراءات غير مستحقة في الولايات المتحدة تعتبرني مرحةً أو ذكيةً، وتوفر لي احترامًا غير مستحق في المستعمرات البريطانية السابقة. لكن هذه مجرد مرايا وهي تدعم في نهاية المطاف التنميط. ولا أدري كيف أوقف هذا الأمر.
أنا محبطة أن هذه المقاربة للهوية صارت راسخة في تقنياتنا الرقمية. بدلًا من بناء "الفضاء الافتراضي" الذي وصفه جون بيري بارلو، خلقنا ظروفًا لا تحافظ فيها الجنسية والمكان على أهميتها فقط، بل يتم توسيع أثرها.
ربما هذه هي الطريقة التي تفضح بها جذور الإنترنت نفسها. تطوير نظم رقمية لم يتعلق قط ببناء فضاء منفصل عن الحقيقة، لكن بتأسيس نظمَ تحكمٍ إلكترونية جديدة، متكاملة مع العالم الواقعي. كان الأمر طوال الوقت لعبة سلطة، نظرًا لوجود نفوذ الجيش وأمواله.
أعطانا "الفضاء الافتراضي" فانتازيا نفقد فيها أنفسنا، عباءة تخفي القوة الحقيقية الموجودة في الملعب -والآن غدت مخالب السلطة قوية. فهي تدفعنا نحو هويات أحادية، ثنائيات جندرية، فقط هوية عرقية محددة، وتلك التصنيفات الأحادية للمكان. لمن بُنيت هذه الأنظمة؟ قيمُ من تلك المدمجة فيها، وقيمُ من تلك التي نسعى جاهدين لتحقيقها؟
أفترض أنك لا تواجه هذه المشكلة، أفترضُ أنك تملك امتياز أن تواجه السؤال عن المكان الذي أتيت منه بإجابة واحدة فقط لا تقلق من أن تعرف نفسك بها. أنت في الغالب لا تدري أيضًا كيف يتم استخدام إجابتك، كيفية تخزينها، وما هي الآثار المترتبة على ذلك. لو أنك قلقت في أي وقت حول هذه المسألة بهذا الشكل، لم تكن لتسمح بإنشائها بهذه الطريقة، وبطرح السؤال بهذا الشكل.
أو ربما يكون السياق الخاص بك أكثر تعقيدًا: ربما أنت مهاجرٌ أيضًا، لكنك تعد قدرتك على تعريف نفسك باعتبارك من هذه البلد التي وصلت إليها جزءًا من اندماجك. أن تذكر البلد التي ترغب في أن تسميه وطنًا في هذه القوائم يمنحك ثقلًا اجتماعيًا إضافيًا، علامة على النجاح، يمنحك فرصة أن تسجل من خلال قاعدة بيانات أنك قد فعلتها. ربط المكان بهويتك علامة نجاح بالنسبة لك، وليس من حقي أن أشكك في ذلك.
لكن يبدو أنه من الواضح وجود تمييز لصالح نمط من الشخصيات، وأشعر أنك تدرك شيئًا فشيئًا أن من ينتمي لهذا النمط يمتلك بالفعل أغلب السلطة، هو يجلس بالفعل على المائدة التي تتخذ هذه القرارات، ونادرًا ما يضطر إلى الموائمة ليتناسب مع فكرة شخص آخر عما ينبغي أن يكون. الكثير والكثير منا ممن لا يطابقون هذا النمط يستحقون أفضل من هذا.
نرد على هذا بقدر استطاعتنا. تمامًا مثلما أريد أن أراوغ سؤالك مواجهةً، أحاول أن أراوغه، على الإنترنت، كي أربك رغبتك في تصنيفي بالرغم مني. أريد أن يعلم معارفي من أنا وكيف أعرِّف نفسي، أريد هذا التعريف أن يكون سائلًا ومتغيرًا، وأرغب أن تجد الآلة صعوبة في وضعي في واحدة من المجموعات سابقة البرمجة.
يشاركني آخرون هذه الرغبة. هناك سرب من الناس بدلًا من أن يضعوا مواقعهم في حقل المكان في تويتر، يضعونه في الحقل المخصص للاسم، حيث لا تبحث عنه الآلات. البشر الحقيقيون سيعلمون كيف يستوعبون هذا: Zara @ NYC ، Zara @ Berlin. من السهل عمل التغيير بحيث يعرف الناس أين يجدونني ومتى، لكن الآلات ليست على هذا القدر من الذكاء.
من المرجح أن تصبح القوى التي تدفعنا لكي نتبنى هوية وحيدة أقوى. فتأسيس هوية واحدة، وتمكين مشاركة البيانات القابلة للتداول بين كيانات تجارية يضفي انطباعًا بوجود سيطرة مجتمعية أكبر. على الجانب التجاري، هناك حوافز قوية تدفع نحو بناء نظام يعتمد على وجود هوية وحيدة -بالنسبة للكيانات التجارية جمع البيانات سيسمح لهم بمشاركة ما يعرفونه، من أجل توسيع معرفتهم بقاعدة المستهلكين الخاصة بهم، و"فهم" مستخدميهم بشكلٍ أفضل، أو على الأقل تجعلهم يعتقدون ذلك، وتمكنهم من بيع هذا الاعتقاد.
يتم تشغيل آليات رقمية للتأكد من الهوية بشكل أوسع، مثل آدهار (Aadhaar)، وهو رقم يستخدم لأغراض متنوعة يتكون من 12 خانة تم تخصيصه لكل مواطن هندي بناءً على بياناتهم الحيوية والديموغرافية. لكن البيانات تتم مشاركتها بين الحكومات والوكالات الدولية، ووجود خطأ أو بيان غير صحيح قد يكون له عواقب أبعد مدى. بصمة إصبع تمت مشاركتها على أحد المنافذ الحدودية قد تكون متاحة بسهولة في الجانب الآخر من العالم. الهويات مصادر قيمة ومهمة قد تمنحك أو تمنعك من الوصول إلى فضاءات متنوعة.
هناك زيادة مستمرة في الوعي بهذه المشكلات الخاصة بالقبول والاستبعاد. بعض المجموعات بدأت في التحرك في اتجاه خفض حجم البيانات: جمع البيانات الضرورية فقط بدلًا من تجميع كل البيانات. لكن الإغراء ما زال حاضرًا مع هذا، والدعاية المصاحبة لتوجه "بيانات أكثر، قرارات أفضل" ما زالت نشيطة بدرجة كبيرة.
في معظم الفضاءات الرقمية التي أتواجد بها حاليًا، هناك مساحة ضئيلة متاحة للسيولة. والقيود التي تحيط بما يمكن أن أعرفه وما أستطيعُ معرفته بخصوص كيفية استخدام هذه البيانات هي قيود قوية. في فضائي الرقمي المثالي، ستكون هويتي لي كي أحددها، وسيكون اختيار الأماكن راجعًا إليَّ، وسأكون قادرة على معرفة الغرض الذي تسأل من أجله.
وجود تنوع بين الأشخاص القائمين على تصميم مثل هذه النظم قد يعني في النهاية أن الأسئلة التي يتم طرحها بخصوص "من أين نحن" ستكون أسهل في الإجابة عليها لعدد أكبر من الناس، وليس فقط لأقلية محظوظة. في وضعٍ مثالي، لن يكون علينا أن نجيبها على الإطلاق، وسنكون قادرين على أن نعرِّف ذواتنا، وما نريد، ومن نحن على الإنترنت. ولن تكون قادرًا على رفض إجابتي كما تفعل على الإنترنت وبشكلٍ شخصي؛ ولن تعلم عني أي شيء لا أود لك أن تعرفه. لكن الآن، كل ما يمكنني أن أفعله هو الاستجابة إلى أسئلتك التي تطرحها بشكلٍ شخصي وربما أدفعك إلى إعادة التفكير في هذه النظم والدور الذي تلعبه فيها.
_____________________
* القاعدة الذهبية هي النصيحة التي قالها السيد المسيح (يسوع) ملخصًا بها التوراه: "عامل الناس كما تحب أن يعاملوك".
تعليقات
إرسال تعليق
أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء