العلاقة بين الرواية والفلسفة من وجهة نظر ألبير كامي (اقتباس)
بالرغم من تمرس كامي في الفلسفة فإن أروع أعماله هي
رواياته، دون شك.
ولكن المحك الأساسي في رأي كامي، أنه لا توجد
تباينات ثابتة جامدة بين الفلسفة والأدب الجيد. ففي كتاب
أسطورة سيزيف وهو أحد عمليه الفلسفيين (العمل الآخر هو المتمرد) يعلن كامي أن "الروائييين
العظماء فلاسفة عظماء"، وفي
عرضه لرواية جان بول سارتر الفلسفية "الغثيان" يضع كامي أساس
التمييز بين الروايات الفلسفية:
"ما الرواية إلا فلسفة تمت صياغتها في صورة خيالية. وفي الرواية
الجيدة تختفي الفلسفة في ثنايا الصور الخيالية. ولكن ما أن
تنسكب الفلسفة متدفقة من الشخصيات والأحداث حتى تبرز ناتئة مثل السبابة الملتهبة
وتفقد الحبكة مصداقيتها والرواية حياتها."
ومن ناحية أخرى يرى كامي أنه مثلما تتدثر الفلسفة مختفية
في ثنايا الصور الخيالية في الرواية الجيدة، التي هي في ذاتها صياغات لجوانب من
تجاربنا، ومن ثم هي في النهاية تجسيد عيني لحياتنا، فإنه في الفلسفة الجيدة تتدثر
الصور الخيالية الروائية مختفية في ثنايا التصورات الذهنية. ومن المدهش
حينئذٍ أنه إذا انعكست جملة كامي عن علاقة الرواية بالفلسفة تصبح الجملة الناتجة
عن علاقة الفلسفة بالصور الخيالية العينية المكونة للرواية جملة ربما أقرها هو
إقرارًا مماثلا:
"وما الفلسفة إلا رواية (صياغة عينية
لتجارب حياتنا)
تمت صياغتها في تصورات ذهنية. وفي الفلسفة
الجيدة تتدثر الرواية (الصياغة العينية لتجارب حياتنا) مختفية في ثنايا التصورات الذهنية."
المصدر: ألبير كامي
ديفيد شيرمان
ترجمة:
عزة مازن
المشروع القومي للترجمة – آفاق للنشر
والتوزيع
ردحذفthank you
سعودي اوتو