مايكل مور: كلنا سكوت أوسلون





كنت قد قلت لا ثورات تجري في العالم لأنها ثورة واحدة ممتدة، وأشاهد الآن ما يجري في العالم، وأرى أنه من الواجب أن نتابعه بعناية وفهم، وألا نستخف به، لأنه أكبر حتى مما ندرك، الشعوب الآن في كل العالم، بدأت تتحرك، الشعوب في كل العالم يتم استغلالها بفعل هذا النظام العالمي، وأرى هنا ضرورة أن ندرك أننا في وسط حراك عالمي لا عربي فقط، وأن حالات من العداء والتخويف تم خلقها بين الشعوب، لكي تحكم نخب طامعة. 


الشعوب هي التي أجبرت حكامها في أوروبا وفي أمريكا على عدم دعم الحكام العرب القمعيين أكثر مما فعلوا، رغم أن مصالحهم كانت معهم. والشعوب الآن هي التي تنتفض رافعة لافتات تشكر مصر وتونس. هنا أترجم أجزاء من خطبة مايكل مور التي ألقاها في أوكلاند. ومايكل مور مخرج أمريكي وناشط، لعلنا نذكر خطابه الشهير المندد بالحرب على العراق الذي أحرج الكثيرين به حين ألقاه في حفل تسلمه لجائزة الأوسكار. 

اقرؤوا مثلا هذا الخطاب الذي ألقاه في يوم 28 أكتوبر في معسكر حركة احتلوا في أوكلاند، من يصدق أن هذا الحديث عن أمريكا، وليس عن مصر مثلا، من يصدق أن الغالبية العظمى من الشعب الأمريكي يعانون ربما من أغلب ما نعانيه نحن هنا (ربما مع اختلاف الدرجة)، من يصدق ذلك! صحيح هو عالم واحد.

في هذا الخطاب يبدأ مور بالحديث عن لا مركزية حركة احتلوا وعدم وجود قادة لها، وكيف أن وسائل الإعلام لم تفهم ذلك إلا بصعوبة، وتحدث عن الشتاء القادم، وكيف يتوقع البعض أن يميت البرد الحركة، مؤكدًا أن البرد لن يوقف الحركة، منتقلا بعد ذلك إلى نقاط أخرى متنوعة. 

ترجمت هنا أجزاء من حواره، بها فراغات أحيانا من جمل لم أوردها، خصوصا أجزاء الحوار مع الجمهور، أو مقاطعات بعض الأفراد، لأن ترجمة النص بالكامل بما به من تكرارات وتداخلات تناسب الطبيعة الحية للخطاب، لن تكون مفيدة في رأيي، عموما ما ترجمته هنا هو مقاطع تعبر بشكل كبير عن مجمل الخطاب، ويمكن قراءة وسماع الحديث كاملا بالإنجليزية من هنا.
أ. ح.



مايكل مور: لا تراجع
 اقتباس وترجمة: أحمد ع. الحضري

بعد عشر سنوات من 11 سبتمبر يدرك معظم الأمريكيين من هم الإرهابيون الحقيقيون. إنهم الأشخاص الذين يخلقون سياسات ويفعلون أفعالا تقتل حرفيا الناس. على سبيل المثال قامت لجنة من الكونجرس في الشهر الماضي، بإعلان هذه الأرقام. لقد أرادوا أن يعلموا كم أمريكي يموت سنويا ببساطة لأنه لا يملك تأمينا صحيًا: لا يذهبون للأطباء لأنهم لا يملكون تأمينًا.حوالي 45 ألف أمريكي يموتون كل سنة ببساطة لأنهم لا يملكون تأمينًا صحيًا. يا أصدقائي إنها 11 سبتمبر خمس عشرة مرة كل سنة. نظام، نظام تم إعداده بحيث يضر مواطنينا! نظام تأمين يهدف للربح! من قال أنه من اللائق أخلاقيا أن تربح من الناس عندما يمرضون؟ كم يدعو هذا للغثيان.
كم من النقود جنت "أمريكا الشركات" من هذه الحروب؟ هذه الحروب غير القانونية، وغير الأخلاقية؟ كم كسبوا؟ ما زلنا ننفق 2 بليون دولار في الأسبوع على هذه الحروب. ماذا كنا نستطيع أن نفعل بهذه النقود لو أنها كانت هنا في أوكلاند وفلينت وميتشيغان وفي كل أنحاء البلاد. شخصٌ ما سألني من الذي جهز لهذا ؟

أفراد مبعثرين من الجمهور: نحن فعلنا

مايكل مور: من جهز لهذا ؟ أعلم أعلم أعلم أنتم تظنون أننا نحن "الشعب" سببنا ذلك، صحيح؟ [ضحكات] أين هي شركة ويلز فارجو (Wells Fargo) لقد مررت بها لتوي في الشارع. لو أنكم تريدون أن تعلموا من أعد لهذا، هم أعدوا لهذا، الأشخاص في شارع المال (Wall Street) أعدوا لهذا، بنك أمريكا (Bank of America) أعد لهذا، إكسون موبايل (ExxonMobil)، وشركة Bp أعدوا لهذا! لقد فعلوا أكثر ببساطة عن طريق وضع أحذيتهم فوق رقاب ملايين الأمريكان، وكأي إنسان طبيعي، كم يمكنك أن تحتفظ بحذاء فوق رقبتك؟

رجل من الجمهور: ليس لثانية أخرى، لن نقبل ذلك بعد الآن

مايكل مور: ليس لثانية مع حذاء فوق الرقبة.

الجماهير: هووووو

أريد أن أخبركم شيئا آخر، اكتشفته على امتداد البلاد ، وهو أمريكا أخرى مناقضة لما يعتقده العديد من الموجودين هنا، ومناقضة للصورة المرسومة في وسائل الإعلام، أمريكا ليست دولة محافظة. معظم الأمريكان فعليا ليبراليين نوعا ما في معتقداتهم، ربما لن يسموا أنفسهم ليبراليين، لكن لو نظرت إلى أي نتيجة اقتراع (poll) يأتي معظم الأمريكيين في الجانب الليبرالي من القضية المستعلم عنها، تقريبًا في كل قضية: معظم الأمريكيين يعارضون هذه الحروب، معظم الأمريكيين يريدون رعاية صحية عالمية، معظم الأمريكيين يظنون أن المرأة يجب أن تتقاضى أجورًا مساوية لأجور الرجال.
...
هذه هي البلد الذي تعيشون فيها. هذه هي البلد الذي تعيشون فيها. وأنا أعلم أن هذا مخيف قليلًا للأشخاص في (Bay Area) [يعني الأكثر ثراء]

ولوسائل الإعلام التي هنا: هؤلاء بضعة آلاف فقط لكن كل واحد منهم يمثل بضعة آلاف آخري، أو حتى عشرات الآلاف. هذا هو مقدار ضخامة الأمر، وهذا هو سبب عدم إمكان إيقافه. العديد من الأشخاص تم إلقاءهم خارج منازلهم، العديد من الأشخاص تم تقليص المدارس في مناطقهم وبالتالي لا يتلقى أطفالهم تعليمًا لائقًا.

رجل من الحضور: تم إغلاق 5 مدارس في أوكلاند.

مايكل مور: نحن الآن نعيش في بلد فيه 40 مليون بالغ هم أميون وظيفيا functional illiterates [مصطلح يشير إلى عدم الكفاءة في القراءة والكتابة، أي عدم الوصول إلى مستوى لائق يتجاوز المهارات الأساسية للقراءة بحيث يستطيع أن يعمل ويمارس الحياة اليومية بسهولة]

رجل من الحضور: نحن نُظلم.

مايكل مور: ذلك يفيد: يفيد من في السلطة أن يكون لديهم شعب جاهل. أن يكون لديهم شعب به 40 مليون شخص لا يتجاوز مستوى القراءة والكتابة لديهم مستوى الصف الرابع. من يستفيد من هذا؟ إن الأمر كما لو أنهم أقاموا المدارس الآن ليتأكدوا أنك ستستطيع تشغيل ماكينة النقود في ماكدونالد، وأن تعلم كيف تحيي شخصًا ما بجملة فيها اسم وفعل حين يأتي إلى محلات وول مارت. دعوني أخبركم من الذي يعلم ذلك، من يعلم أن شعب هذه البلد قد اكتفي من هذا، وأن هناك تيار تقدمي يمر خلال هذه البلد الآن، إنهم الجانب الآخر، وول ستريت، أمريكا الشركات، الجناح اليميني، هم يعلمون أن هذه دولة ليبرالية، كل ما عليك فعله هو تشغيل إذاعة (Talk radio) أو قناة فوكس الإخبارية [توجه محافظ] هم غاضبون جدًا، هم غاضبون جدًا أليس كذلك ؟ دعوني أسألكم هذا السؤال، لو أن هذه كانت بلدًا محافظًا يمينيًا، ألم تكن ستستمع حينها إلى رطانة هادئة، الأمر ليس كذلك، هناك أسباب لرغبتهم لقمع الانتخابات العام القادم، هناك أسباب لرغبتهم في تمرير تشريعات، تجعل الأمر أصعب على الفقراء، وكبار السن، والملونين التصويت. هناك سبب لرغبتهم في فعل هذا. وما هو السبب؟ هم يعلمون. إن الأمر بسيط، هم يحسنون الحساب، هم يعلمون أنهم أقلية. وإلا لماذا سترغب في قمع الناخبين إن كنت تعلم أن أمريكا ستصوت لصالحك؟

أريد أن أقول لكم جميعًا، أخصُّ منكم هؤلاء الذين يخيمون هنا، شكرًا لكم، شكرًا لكم لأنكم تفعلون هذا، أنتم أفضل، أنتم أشخاص أفضل مني. 
ولكن النظر إلى تلك الليلة الأخرى (يصمت طويلا) "سكوت أوسلون" (Scott Olsen) [جندي حارب في العراق أصيب خلال احتجاجات أوكلاند بواسطة مقذوفات للشرطة أصابته ربما بضرر كبير في مراكز الكلام لا يصبح بعدها قادرا على الكلام] إنه أمر إجرامي أن هذا الشاب الصغير كان مستعدًا للذهاب والمخاطرة بنفسه في حرب لم يتوافق معها، يخاطر بنفسه هكذا بينما المكان الوحيد الذي كان ينبغي أن يقلق منه هو هنا، بلده، أوكلاند كاليفورنيا. هناك أمرٌ واحد يجب أن نفعله لوسائل الإعلام التي هنا وهو أن نجعلهم يعلمون أننا هنا كلنا "سكوت أوسلن". كلنا مع سكوت أوسلن، وكلنا سكوت أوسلن. ولن نتحمل أن يعامل إخواننا المواطنين بهذه الطريقة من قبل الأشخاص الذين نمولهم من ضرائبنا. أنا لا أدفع لأشخاص كي يأخذوا بندقية وقنبلة غاز ويصوبوها نحوي، ويضربونني في رأسي بذخيرتهم، أو باسطوانات الغاز المسيلة للدموع. هذا سيكون بمثل جنون أن آتي لك وأطلب منك أن تلكمني في وجهي. لماذا قد أفعل ذلك؟ أظن أننا جميعًا نريد أن نرسل أفضل تمانينا، صلاواتنا، طاقتنا الإيجابية [حرفيا: الكارما الجيدة]، كل ما نستطيعه لسكوت، راجين أن يصبح أفضل وبخير.دعونا نقف 30 ثانية صامتين تكريمًا لسكوت أولسون.


أحدهم سأل واحدًا من الناس في الخيمة الإعلامية، ما هي أهدافكم؟ ما الذي تحاولون إنجازه؟ أجاب: حسنًا مهمتنا تتمثل في اسمنا، احتلال وول ستريت ثم قال مرحلة. فكرت في هذا لثانية مرحلة احتلال وول ستريت، إذن فالأمر لا يقتصر على هذه المخيمات، إن الأمر هو أننا لن نتوقف حتى، نحتل - نحن الشعب - اقتصادنا الذي يدير هذه البلاد! هذا اقتصادنا! وهذه بلادنا! نحن من لنا كلمة. وعندما يقول لي أحدهم، حسنًا، هل تعلم؟ ما هو هدفنا؟ ما هي نهاية اللعبة؟ أقول، حسنًا دعني أخبرك أننا بالفعل قد حققنا عددًا من الانتصارات في الأسابيع الستة الأولى، ودعونًا نقر هذه الانتصارت.حسنًا؟ رقم واحد: لقد قتلنا اليأس على امتداد البلاد. هذا اليأس الذي أحسه الناس، يتشتت الآن؛ فقد قتلت هذه اللحظة اللامبالاه. لقد غادر الناس الأريكة، توقفوا عن الرقص مع النجوم، وخرجوا للشوارع. هذا انتصار، هذا أمر مهم جدًا أن يتم عمله. منذ ستة أسابيع ما الذي كانت وسائل الإعلام تتحدث عنه؟ رجال السياسة في واشنطن الذين لم نكن جزءًا من خطتهم. ما الذي كانوا يتحدثون عنه؟ سقف الدَين. الدَين. العجز، لا بد أن نخفض العجز. مرارًا وتكرارًا طوال الصيف. سقف الدين، العجز، سقف الدين، العجز. هل لي أن أسألكم بأمانة: متى كانت آخر مرة في الأسابيع الأخيرة التي سمعتموهم فيها يتحدثون عن سقف الدين، أو العجز ؟ متى كانت آخر مرة؟ لقد أنهت الحركة هذه الحوارات الغبية. 


ملحوظة: ما بين المعقوفات [] إ ضافات ليست من صلب المادة الأصلية وضعتها للتوضيح عن الحاجة 

_______

اقرأ أيضًا:
 احتلوا المستقبل/ نعوم تشومسكي ...1

احتلوا المستقبل/ نعوم تشومسكي ...2




تعليقات

  1. حنين الدول الغربية الى الاستعمار في ضل غياب الوعي عند الشعوب العربية التي اكدت انها قبائل من البدو لا تزال تتعيش في بركة سيدنا الشيخ اوباما

    ردحذف

إرسال تعليق

أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوافذ

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات