رواية الجبل لفتحي غانم

غلاف الرواية في طبعة مكتبة الأسرة التي صدرت مؤخرا (2011)ـ

قد تحسُّ بعد أن تقطع شوطًا في هذه الرواية أنك إزاء رواية بوليسية؛ فالأحداث المتتابعة بسلاسة تبدأ بتكليف مفتش التحقيقات "فتحي غانم" بالتحقيق في شكوى مرسلة من أحد أهالي قرية الجرنة الكائنة بالجبل الغربي المقابل للأقصر "سيد علي" ضد المهندس المسؤول عن بناء مشروع " القرية النموذجية" لتسكين أهالي الجبل.  التكليف بهذه المهمة يوكل إليه من قبل مدير التحقيقات بعد مقدمة محْرَجَة يوضح له فيها قصة القرية النموذجية التي كان مدير التحقيقات نفسه في بداية عمله قد أوصى بإنشائها خلال تحقيق قام به في شبابه حين كان موظفًا صغيرًا ما زال، وكان السبب الداعي لذلك وقتها الخوف على الآثار من النهب المستمر لها من قبل الأهالي.


تنتقل أحداث الرواية من القاهرة، إلى البر الغربي للأقصر، فالقرية النموذجية بالبر الشرقي، فالقرية الموجود بالجبل التي يقيم فيها الأهالي؛ وتتابع المواقف التي يمرُّ بها المحقق وتتغير نظرته للأمور مع تغير المنظور في كل مرة ينتقل فيها. وتتنوع الشخصيات في الرواية وبالتالي طبائعها وعاداتها في كل مكان من هذه الأماكن.

تصف الرواية التوترات والصراعات القائمة بين المهندس وأهالي الجبل، نتيجة رفض الأهالي النزول إلى القرية للإقامة فيها وإصرار المهندس على نزولهم. وتعرض الرواية هذه القرية كنموذجٍ لمشروعٍ إصلاحيٍ تناقش من خلاله مشكلات جوهرية قائمة في بنية كثير من المشروعات التي تدعي الإصلاحية. 

الرواية سلسة البناء، لغتها منطلقة لكنها متقشفة نوعًا وهو أمرٌ مناسب لموضوع الرواية، وللراوي الذي اختاره الكاتب ليسرد الأحداث (مفتش التحقيقات)، ولكن الروائي في المقابل يقوم بتصوير المشاهد بطريقة بارعة لماحة، تجعل القارئ يتعايش مع الأماكن ويتخيلها ويستمتع بحضوره فيها. في المجمل هي رواية جيدة، وهي في الوقت نفسه وجبة خفيفة يمكن قراءتها في جلسة واحدة أو جلستين.