النظرية السياسية الحديثة: عرض



بقلم: أحمد ع. الحضري

غلاف الطبعة الحديثة
الصادرة عن قصور الثقافة في مصر عام 2011

نشر هذا الكتاب لأول مرة في عام 1924 باللغة الإنجليزية وأعيد طبعه عدة مرات منذ ذلك الوقت. ترجمه إلى العربية عبد الرحمن صدقي أبو طالب، وراجعه علي أدهم. لا توجد على الطبعة التي بين يدي (طبعة قصور الثقافة -2011) تاريخ طباعته أول مرة في ترجمته العربية، ولكني أظن أنه ترجم وطبع لأول مرة في خمسينينات القرن الماضي. الكتاب من تأليف ا. م. جود –هكذا كتب الاسم على الطبعة العربية.


     وجود (C.E.M Joad) أو [Cyril Edwin Mitchinson Joad] هو فيلسوف إنجليزي ولد عام 1891، اشتهر في زمنه بشكل كبير نتيجة لمشاركته في البرنامج الإذاعي The Brains Trust، وهو برنامج إذاعي شهير كان يذاع على bbc. كان جود من أكثر المثقفين الإنجليزيين شهرة وقتها، حتى أنه كما قرأتُ كان لفترة بنفس درجة شهرة جورج برنارد شو، وبرتراند راسل، له أكثر من 75 كتابًا متنوعًا. اشتهر أيضًا بشكل خاص بفضل كتابيه المرشد إلى الفكر الحديث (Guide to Modern Thought) (1933)، والمرشد إلى الفلسفة Guide to Philosophy) (1936. وكان متأثرًا في بداية حياته بالأفكار الاشتراكية ل ج. د. هـ. كول (G. D. H. Cole)، و هـ. ج. ويلز ،(H.G." Wells) وجورج برنارد شو (George Bernard Shaw). 

      الكتاب كما هو واضح من اسمه يهدف إلى إلقاء نظرة طائر على أهم نواحي الفكر السياسي الحديث، وهو يقوم بهذا العرض بأسلوب سهل مبسط يناسب القارئ غير المتخصص، ولكي يفعل ذلك في كتاب من الحجم الصغير كان لابد أن يقوم باختصار بعض المناطق وعبورها سريعًا لصالح مناطق أخرى يركز عليها بشكل أكبر. يقول جود في المقدمة "أعرف تمامًا أن كثيرًا من الموضوعات التي تبحث عادة في النظرية السياسية الحديثة لا تجد إلا حيزًا صغيرًا أو لا تجد حيزًا على الإطلاق في الفصول التالية. فلم يخصص للنظرية المثالية سوى اثنتي عشرة صحيفة... كما لخصت الفردية بطريقة مماثلة، ولا يوجد أي بحث في العلاقة بين القانون والسياسة، ومن ناحية أخرى، سيبدو للبعض أنني خصصت للتطورات الحديثة في النظرية الاشتراكية حيزًا لا يتناسب معها. وليس القصد في هذا التفاوت في المعاملة أن يتضمن أي تحقير للنظرية المثالية أو الفردية بالمقارنة للنظرية الاشتراكية، إنه يعكس ببساطة الميول التي تنتشر اليوم في السياسة". 

لكن الأمر في رأيي لم يتوقف على الأسباب التي ذكرها، فلميله السياسي إلى اليسار أثرٌ واضح على خطة الكتاب، ونقاط تركيزه، فمن زاوية ما قد نرى أن الكتاب فعليًا عن النظريات الاشتراكية، وما التقديم بالنظرية المثالية، ثم التثنية بالنظرية الفردية الحديثة إلا مجرد توطئة لنقطة الاهتمام الحقيقية، هذا إذا راعينا أنه من غير الممكن عمليًا شرح الرؤى اليسارية بشكل واضح ومختصر دون الإشارة إلى هذه النظريات، والتي تبرز بعض مجالات النظريات الاشتراكية من خلال علاقاتها معها مخالفةً أوموافقةً.

على العموم كعادة هذه النوعية من الكتب يحاول الكتاب الحفاظ على مظهر الحياد، لكن أيضًا على القارئ الواعي ألا يكتفي بكتاب واحد عن الموضوع، وأن تكون له رؤيته النقدية حول ما يقرؤه. الكتاب يقدم بالفعل انطلاقة جيدة لمن يريد أن يتواصل مع النظريات السياسية الحديثة، خصوصًا مع هذا الكم من المصطلحات السياسية التي تطل علينا من كل جهة، والتي نتعامل معها، ويتعامل معها الإعلام أحيانًا دون فهم كامل لمضمونها.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوافذ

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات