ما لا يمكن التنبؤ به (اقتباس)


Delicate Tension-1923
By: Vassily Kandinsky


     لا فائدة من أن نأمل في التنبؤ بالاتجاه الذي سيتخذه العلم، ويمكننا عند أي لحظة أن نتخيل، حسب ما نعرفه، ماذا سيحدث مثلا في خمس سنوات، ولكن هذا هو أقل جوانب البحث إثارة للاهتمام، الجانب الرتيب، الروتين. أما الجانب الذي يثير الاهتمام حقًا فهو ما لانستطيع التنبؤ به، إنه ما ينجزه شخص لم يسمع به أحد قط، يعمل في قبو أو غرفة سطح، عندما يثبت شيئًا فجأة أو يعالج أمرًا ذات يوم من زاوية جديدة، ملقيًا بذلك ضوءًا جديدًا على الكون أو على جزء دقيق الصغر من الكون. بل ويمكننا القول بأنه حتى في الأبحاث الأساسية، إذا لم يكن هناك منذ البداية جرعة لها قدرها من عدم اليقين تصاحب نتائج التجربة، فلن تكون هناك أي فرصة تقريبًا لأن يكون البحث موضع الدراسة بحثًا مهمًا. ونحن نبدأ في غالب الأمر بمعطيات تكون على نحو ما غامضة أو منقوصة، وتكون المشكلة هي أن نعثر على ما يوجد من علاقات بين ما يبدو أنه شظايا مستقلة من المعلومات، ويتم إنشاء البروتوكولات التجريبية على نحو مؤقت، وقد تأسست على احتمالات. وإذا انتهت التجربة إلى ما هو متوقع فإنها تكون مما يثير الاهتمام، ولكن النتيجة بصفة عامة تكون لها قيمة أكبر كثيرًا إذا كانت النتيجة مفاجئة، والحقيقة أننا نستطيع تقريبًا أن نقيس أهمية إحدى الدراسات العلميةحسب شدة ما تثيره من مفاجأة.

مقطع من كتاب: عن الذباب والفئران والبشر
تأليف: فرانسوا جاكوب
ترجمة: مصطفى إبراهيم فهمي
المشروع القومي للترجمة، 230

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

فن الكم = Quantum art

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات