اسمان


By: Martin Gut

بقلم: أحمد ع. الحضري
(1)
      
 كلما ارتكبت أختها خطأً بكت، واعترفت وملامح الندم على وجهها: أنا فعلتها. الغريب أنني كنت أصدق الباكيةً أحيانًا وأكذب عينيَّ. كانتا تمعنان في تضليلي؛ ذات مرة كنت كالعادة قد ألبستهما فستانين متشابهين، بلونين مختلفين، عقصتُ شعر إحداهما وتركتُ الآخر مرسلا، أدخل الغرفة: ذات الشعر المرسل ترتدي ثوبًا أزرقَ، في المرة التالية يتبدل الأمر، حين غضبت عليهما أنكرتا أن هذا قد حدث. دافع أبوهما عنهما؛ يدَّعي أنني مرهقة، صرخت فيه: لم أفقد عقلي بعد، ابتسم بسخرية كالعادة، وقال ببرود: ومتى كنتِ عاقلة، قالها ثم خرج من الغرفة مسرعًا. أبتسمُ من أسلوبه الطفولي، ثم أنشغلُ في أمورٍ أخرى.

(2)

قررتْ أمهما فجأة أن تقص شعر إحداهما، حذرت بعدها ذات الشعر الطويل، من قص شعرها، وإلا عاقبت كلتيهما، بكتا معًا هذه الليلة. في اليوم التالي كانتا قد هدأتا، بدا عليهما أنهما قد نسيتا الأمر، كان يوم عطلة، فخرجتا لتلعبا كالعادة، بعد عودتهما دخلت ذات الشعر الطويل إلى الحمام، ثم خرجت بشعرٍ أسود حالك.
    
حين ذهبتا إلى المدرسة بعدها كانتا متمايزتين لأول مرة في حياتهما؛ لكنهما –ربما إمعانًا في الاحتجاج- أصرتا على إخفاء اسميهما الحقيقيين، كانتا تتبادلان الاسمين بينهما، مرة تكونُ صاحبة الشعر الأسود الطويل هي ليلى ثم بعدها تلتفتُ مجيبةً على نداء إحداهن على سلمى. في الملعب: حاولتْ إحدى الطالبات بسذاجة أن تتفاهم مع إحداهما، لا يجب أن يكون لك اسمان، كل إنسان له اسم واحد فقط، لا ترد؛ ألا تعرفين أيهما هو اسمك؟ تعدو مبتعدة دون أن ترد. في الفصل: سألتْ طالبةٌ جارتها في المقعد المجاور إن كانت تعلم سر تغيير شكل شعريهما. كانتا محط الأنظار طوال اليوم. بعد وقت ما، قررت إحدى الزميلات المسترئسات أن تحسم الأمر: ذات الشعر الطويل هي ليلى، لا تنادوها باسم آخر، الأخرى هي سلمى. وجدت باقي الزميلات الحل مناسبًا. لم يمنع هذا البنتين من مواصلة تبادل الأدوار، لكن الأمر كان قد حسم من قبل الزميلات، فلم يكترثن كثيرًا بما تفعلانه. المفارقة أن أمهما في البيت صباح هذا اليوم كانت قد قررت أن ذات الشعر الطويل هي سلمى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

ألبرت أينشتاين وميليفا ماريتش: قصة حب (اقتباس)

قصائد من الشعر الأفريقي المعاصر