تك تك تك

By: Adam Martinakis


بقلم: أحمد ع. الحضري

     ندخل من باب المطعم، يتقدم نحونا الجرسون بخطوات متمهلة، تفضلوا، تفضل هنا يا أستاذ. نتبعه ونجلس. المطعم الذي لم أدخله من قبل واسع نوعًا، أغلب مناضده خاوية من الزبائن؛ فقط نحن وثلاث صديقات يثرثرن معًا في ركنٍ آخر. أقلب نظري: الحوائط بيضاء، يدخله الضوء الطبيعي من خلال الواجهة الزجاجية، في الحائط ورائي مجموعة من اللوحات الشهيرة المقلدة لرينوار وفان جوخ ودالي. في مواجهتي ساعة فخمة نوعًا لكنها متوقفة لا أدري منذ متى. يأتي الجرسون مرة أخرى بعد أن نستقر، يسأل بهدوء عما نريد، ثم يذهب بعد أن نخبره. بدت غير راغبة في الكلام، واصلتْ التأمل في الحائط ورائي، بدأتُ حوارًا ما، كانت ترد ببطء، تتذوق الكلمات قبل أن تقولها، تهتم بطريقة قول الكلمات، وتفكر في وقعها المحتمل وتتمهل في إيصال المعنى وتخشى سوء الفهم. أحسست أن كل جملة تأتي أبطأ من سابقتها. طبيعتي المتعجلة لم تحتمل، قلتُ: الطلبات تأخرت كثيرًا، هممت باستعجاله، لكنها طلبت ألا أفعل: هذه هي طريقتهم هنا. 
  

     أتى أخيرًا: رائحة القهوة تعطر جو الغرفة، لذيذة. بدأت هي تقلبُ كوب النسكافيه الخاص بها تارة في اتجاه عقارب الساعة وتارة عكس عقارب الساعة، أشاهدها بينما يقفز عقلي إلى المستقبل وإلى الماضي مع حركات يديها. أحتسي رشفة أخرى من القهوة، مع حركات يديها صار جو الغرفة معبقًا بالدقائق والثواني، أنتهز انشغالها لكي أصيد بعض الدقائق وأدسها في جيبي دون أن تلحظ. خشيت أن تستاء من منظري وأنا أصيد الوقت بهذه الطريقة، لكني استمررت على أي حال.

تعليقات

  1. لله دُر حرفكـ سيدي .. كيف لم يطأ قلمي ساحتكـ من قبل .. آثرني المشهــد .. فكنت مع دقات الثوان الواقفة على الجدار نبضة نبضة .. مُدهش ورائع هو حرفكـ ..... وليتها تفي ..

    ولي عودة بإذن المولى ...

    ردحذف
    الردود
    1. سعيد بإطرائك حقًا، وممتن للصدف التي عرفتك على المدونة ... شاكر لك ولاهتمامك ولكلامك الذي عنى الكثير ... أشكرك وأتمنى أن أستمع إلى رأيك دائمًا.

      حذف
    2. بإذن الله سيكون :) فيض امتنان ..

      حذف

إرسال تعليق

أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوافذ

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات