رسائل البحر





كما قرأنا في ألف ليلة وليلة تخرج الشبكة في أول مشهد في الفيلم بزجاجة غريبةٍ مغلقة، لكن الصياد هنا – على عكس صياد ألف ليلة - يلقي الزجاجة في الماء مرة أخرى – دون حتى أن يمعن في التفكير - مسميا الله ومستعيذًا به من الشيطان الرجيم.

نفس هذه الزجاجة لا تظهر في الفيلم مرة أخرى إلا قرب منتصفه حينما يلتقطها يحيى، ويخرج منها رسالة بلغة غير معروفة، محاولا بعد ذلك فك شفرتها، لكن كل المحاولات لمعرفة اللغة التي كتبت بها هذه الرسالة تفشل، الرسالة ليست لاتينية، ولا يونانية، ولا فرنسية ، ليست تركية، ولا إيطالية، وهي أيضا ليست روسية، ...، الرسالة هنا تصلُ دون أن نفهمها، نكتشفُ في النهاية أن مضمون الرسالة ليس هو الأهم، الأهم هو أنها وصلتنا نحن،  المهمُ هو أن البحر قد كتب لنا.
البحث عن معنى واضح تعبر عنه الرسالة: عن ثباتٍ ما يسهّل علينا الإجابة على أسئلة الحياة ليس ممكنا.
يحيى يصرخ في البحر في لحظة جوع أتى فيها البحر طامعًا فلم يعطه، يستنكر كيف يُطعمه البحر وقت شبعه، ويمنعه وقت الجوع؟  يسأل البطل -  ونسأل معه ربما- هل هذا نظامٌ أم فوضى؟
[ممنوع دخول الباحثين عن إجابات جاهزة.]


سكرٌ أول: بضعةُ كؤوسٍ ويسقط،
امرأة أولى: هل يحبها؟ يرد بالإيجاب على السؤال قبل أن يفقدها في المشهد التالي
صديقُ صدفة:  يشبهه / لا يشبهه
وامرأة أخرى: تأخذه كي يحتار / يرتبك/ يحزن/ يغضب/ يصرخ
/ ويحب /




لهذا الفيلم شاعريةٌ خاصة: شاعرية الصورة، شاعرية الموقف، شاعرية المعنى الذي يتجدد كلما فكرت به، شاعرية التفاصيل الصغيرة، شاعرية الشخصيات المرسومة بعناية، شاعرية تتكون من خلال شبكة العلاقات التي تنشأ ما بين الشخصيات، شاعرية الحيرة والقلق، والأهم شاعرية الأسئلة التي يطرحها.


لكل بطل قصة، ومنعطف، وأزمة.
لكل بطلٍ وجوده المنفصل / المتصل.


لكي نتحدث عن هذا الفيلم لا يكفي أن نصف الشخصيات، والعلاقات، ولن نستطيعُ بالكلمات أن نغني عن الصورة، وعن الأفكار التي يطرحها بصيغة ليست فلسفية بالمعنى المدرسي، لكنها فلسفية بالمعنى الشعري للكلمة.


لن أصف هنا تفاصيل وأحداث وسمات فالفيلم أقرب وأشعر.

تعليقات

  1. الله

    حلو قوي طريقة كتابتك عن الفيلم بتشوق من غير ما تحرق الأحداث

    تسلم ايدك بجد

    ردحذف
  2. تصدق بايه ياأبوحميد
    نفسى أشوفه تانى بس الظروف مش مساعدانى
    تحياتى

    ردحذف
  3. هدى: تسلمي
    أبو أحمد: أنا غالبا هادخله تاني برضه... سعيد بمرورك ... وياريت ظروفك تسمح إنك تلحق إنت كمان تشوفه تاني.. طالما حابب

    ردحذف
  4. هوا تقريبًا ده الفيلم اللي بقى فاكهة الموسم!

    بس حابب أقول إني أول مرة أقرا لك كتابة بالحلاوة والجمال ده كلللله

    لو من رسائل البحر يبقى هنيااااله :)

    ردحذف
  5. كمان اللوك الجديد حلو وعاجبني

    ردحذف
  6. مش ممكن معلقش
    صعب
    دا أحلى نص اتكتب قريته عن الفيلم
    وعحبني أكتر ما الفيلم عجبني

    شوف أنا حبيت الفيلم كمشاهد أو مجموعة أجزاء رائعة
    بالنسبة لي لم تشكل الأجزاء معاً لوحة حلوة
    الفيلم على بعضه معجبنيش
    حسيت انه إيقاعه واقع شوية
    وبرغم جمال مشهد النهاية إلا إني خرجت تايهة وموجوعة وعندي شعور عميييق بالوحدة

    بسبب الفيلم احتمال
    الفيلم لمس مناطق بعيدة أطلقت المشاعر المحفوظة في الذاكرة
    احتمال بردو

    بس كتابة مختلفة بجد
    لما تدخله تاني اكتبلنا نص عن المشاهدة الثانية

    ....

    ردحذف
  7. إبراهيم: تسلم ياباشا
    ست الحسن: مبسوط إن الكلام عجبك .. شكرا على المرور

    ردحذف
  8. تحثني كلماتك على مشاهدة هذا العمل

    تحياتي يا زميل

    ردحذف
  9. البوست ده فعلا من اجمل البوستات اللي اتكتبت عن الفيلم ده..
    انت قدرت تخلينا نشوف الفيلم بعيونك ونحس موجات البحر ورسايله..
    بجد اكتر من رااااائع :)
    (ولو انك يا ابو حميد حرقت بوست ليا عن الفيلم ده بس ولا يهمك انت كتبته بجد احسن مني :)

    اتمنى اشوف لك تحليل في افلام تانية :)

    ردحذف
  10. تيمو: سعيد بمرورك وسعيد إن العرض عجبك .. فيه عروض أفلام تانية فعلا على المدونة في قسم مشاهدات .. اضغط كلمة مشاهدات اللي موجودة تحت عرض رسائل البحر أو على يمين المدونة

    ردحذف

إرسال تعليق

أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

مقتطفات عن أينشتاين

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)