المجد للأحلام

بالصدفة البحتة واليوم فقط اكتشف هذا المقال الذي كتب عن الديوان منذ ثلاث سنوات تقريبا في جريدة الجمهورية،
ما رأيكم؟
...
...
أوراق جميلة
المجد للأحلام
غادة نبيل
...
فلسفات صغيرة تلك التي يبديها ويظهرها لنا شاعر العامية المصرية أحمد الحضري في ديوانه "اقفل عليك الحلم" إذ نجد في شعره حكمة ابن البلد وسخريته الرصينة وقدرة الشعر الشعبي "إن جاز هذا الوصف" علي التأمل والتفلسف والاستهزاء والضحك والحزن والإدانة. وكل هذا يتم دون أن تشعر أنك في منطقة نائية عن اللغة فهذه عاميتك ومنك أو هي اللغة التي تتكلمها ليل نهار والشاعر فقط هو الذي يجعلها تلك الملِكة "بكسر اللام" بعدما تدخل معمله النفسي واللغوي ويقرأ عليها تعاوذه. ولعل العمق - تلك السمة التي لا تفارق الشعر العامي أو روح الأقوال الشعبية كذلك في التراث والفلكلور - هذا العمق هو الذي تتجلي من خلاله خلاصة وجدان الشعوب وخبراتها وتجاربها وهو العمق الذي وجدته في الكثير من شعر العامية المصري "بالطبع الفطاحل وآباء هذا اللون الأدبي وتحديدا بيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح جاهين وجمال بخيت" وحتي بعض شعراء العامية الذين كنت أقرأ لهم دونوا رؤيتهم وللمرة الأولي مثل سمير الأمير والآن أحمد الحضري. لم يعجبني في قصيدة أو أكثر ربما الاستعانة بكلمة فصحي لأجل أولوية عدم كسر الوزن فرغم استمتاعي الشخصي بشعر العامية الموزون أكثر من النثري كما أسلفت القول ذات مقال الأمر الذي يعكس كوننا جميعا أسري معايير وأذواق تكرست لثوابت ما وجدانية وجمالية وسماعية إلا أن المفردة الواحدة من الفصحي هنا بدت ناتئة وغريبة كأنما هي من لغة أخري.. وهي بالفعل كذلك هنا. الديوان إجمالا قصير والبنط كبير الحجم لكن أزعجني أن أغلب الديوان يدور ويلف علي نفس المحور النفسي العاطفي رغم ورود تباينات حاولت خرق القاعدة وتميزت بالعمق الساطع بين أغوار القصائد مثل قصيدتي "ألوان" و"كلام مجانين" والشاعر صغير السن "من مواليد أواخر عام 1978" وقد تخرج عام 1999 وهو عام كتابته لبعض نصوص هذا الديوان - كما يسجل - كما أنه عضو بجماعة "مغامير الأدبية" ولعل حداثة السن ووقوع المرء تحت هيمنة خبرة أو تجربة ما تعطل استيعابه الوجداني أو تأثره بأشياء وأحداث أخري علي الرغم من وجود هامش لا بأس به من قصائد الديوان تتعامل مع ما يمكن اعتباره درجة من درجات النقد السياسي أو الاجتماعي. قصيدة "محارب" تحمل تأويلاتها وقصائد مثل "سلطان" عن النوم تنجو من أسر الحال الواحدة التي أملت أغلب النصوص وهناك نصوص تدهشك بنضج فائر نفسيا إذ أن تيماتها مغايرة مثل قصيدة "ابن موت". "لما بيخاصمك كلامك". "غريبة" و"ألوان".. لكنه يُعلي "قيمة" الحُلم في كل قصيدة تقريبا. ونقدر أن نقول - بارتياح - أننا أمام موهبة وجدت طريقها في النهل من تراث العامية المصري الشعري ولا ننسي أن الشاعر - الذي لم أره أبدا - يوجه الإهداء في صدارة الديوان إلي "الشاعر" الأستاذ جمال بخيت وإلي جماعة "مغامير الأدبية" وفي الوقت ذاته يختم بقصيدة عنوانها "مدد" مهداة إلي الشاعر الكبير فؤاد حداد. يقول أحمد الحضري: "وأنا ابن الموت/ بيرميني وأناديله فيسمعني/ يقرب مني يحضنّي/ يحوش الدمعة من عيني/ ويرجع تاني يجمعني".

تعليقات

  1. بالصدفة البحتة واليوم فقط اكتشف هذا المقال الذي كتب عن الديوان منذ ثلاث سنوات تقريبا
    طيب مش ده يفكرك يا ريس ان الديوان التاني وجب..؟! ;)

    ردحذف
  2. هو الذي يجعلها تلك الملِكة "بكسر اللام" بعدما تدخل معمله النفسي واللغوي ويقرأ عليها تعاوذه
    ..
    .
    يليق بك هذا التعبير تماما ...
    أو يليق بشعرك ...
    ..
    .
    أو بكليكما .. دمت بكل خير

    دينا الحصِّي

    ردحذف
  3. "ولعل حداثة السن ووقوع المرء تحت هيمنة خبرة أو تجربة ما تعطل استيعابه الوجداني أو تأثره بأشياء وأحداث أخري"
    مش كانت محتاجة تقول بعد الجملة دي انها "لم تره أبدا"..بس جميل جدا انك تلاقي مثل هذا المقال بعد مرور هذا الوقت..قتلت فكرة شريرة كانت قد بدأت تنمو داخلي عن عقم تجارب النشر الاولي، وضياعها
    وأنا مع فيصل هو وجب بقي..بس فييين..نقدر نقول ان أول قصيدة فيه حلوة قوي

    ردحذف
  4. :)

    تعرف ان الحد الى فات قريت ديوانك بكامله بدون ترتيب وبتكرار لعدد من القصائدعلى مسامع صحبة من زميلاتي كنت معهم هناك
    كنت أكرر القصائد بعد أن أسمع كلمة الله طويلة يتبعها طلب بالإعادة

    ديوانك كتاب احتل مكانة مميزة لدي .. يحوي بين طياته ما كان يحتله قبله ديوان آخر لشاعر أحبه

    مازال لديوانك تلك القدرة على أن يحملنى من حال إلى آخر
    مازلت أجد أنسا ودفئا فى كلماته
    مازالت قصائدة بالنسبة لي تلك البلورات السحرية التي حينما أمسحها بصوتي تضيء بأمل حقيقي باق موجود فألملم ذاتى لأكمل طريقي متدثرة بقطعك الفنية الصغيرة في طريق مشوب بوفرة خادعة من الألم

    تحياتى
    واستمتعت بكلماتها عن قيمة أحبها

    ردحذف
  5. فيصل : ليت المشكلة كانت في التذكر أو النسيان ... لكن كل شيء بوقته كما يقولون...

    بحلم: غالبًا - وهو ما لن يعجبك كما أعلم- سيكون الديوان القادم من شعر الفصحى، لكنه أيضًا لم يقترب بعد..

    دينا/ فريدة: حقًا أشكركما :)

    ردحذف

إرسال تعليق

أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

ألبرت أينشتاين وميليفا ماريتش: قصة حب (اقتباس)

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات