حكايات شعبية من أفريقيا (مقاطع)




كان الفأر يستطيع التسلل إلى كافة الأماكن، فكان بوسعه الذهاب إلى بيوت الأغنياء والفقراء على حد سواء. وكانت عيناه اللامعتان شاهدتين على الكثير والكثير من الأسرار والخبايا. كما كان الفأر يستطيع الولوج إلى أي مخبأ مهما كان مؤمنًا أو حصينًا. وذات مرة قرر الفأر أن ينسج الأساطير والحكايات حول كل ما رآه وعايشه في زمنه. وكان يضع كل حكاية منها في ثوب براق، تارة باللون الأسود أو الأبيض، وتارة أخرى يصبغها باللون الأحمر أو الأزرق. وهكذا استقرت الحكايات في بيت الفأر الذي لم يكن لديه أبناء، بل فقط تلك الحكايات التي حلت محلهم في بيته.

(مقطع من حكاية: كيف ظهرت الحكايات الشعبية عند الناس)
       
*** *** ***
 
أصل البشر:

لقد خُلق أول البشر في العالم من الثرى. فكان أول الخلق رجل وامرأته، ونبت بعدهم من الأرض رجل آخر وزوجته. ثم هبط من السماء على الأرض زوج ثالث من الناس. وكان بصحبتهم بقرة وعنزة وخروف. وفيما بعد أطلق على نسل الهابطين من السماء قبيلة الأرواح. وكانوا في غاية الغنى والثراء. وقد قام الهابطون من السحاب ببناء قريتهم في "نزاوا". ويستطيع الزائر لهذا المكان أن يرى بعينيه آثار أولئك الهابطين من السماء، والتي ظلت منقوشة على جدران الكهوف. كما يمكنه أيضًا مشاهدة آثار البقرة والعنزة والخروف الذين هبطوا معه على الأرض.

أما الذين نبتوا من الثرى فقد أنجبوا أولادًا وبناتًا. بعد ذلك تزوج ابن الهابطين من السماء بابنة المخلوقين من الأرض. ونال الزوجان حصتهما من الماشية، ثم تزوج ابن المخلوقين من الأرض بابنة الهابطين منا السماء. وأخذ الزوجان بدورهم نصيبهم من الماشية.

تعاقب النسل من الأزواج جيلا بعد الآخر، حتى تكاثر الناس في المعمورة وأصبح الطعام شحيحًا، وساد الجوع بين الناس. واضطر بعضهم إلى النزوح من موطنهم إلى أماكن أخرى في أرجاء الغابة الفسيحة، حيث أقاموا فيها قراهم الجديدة. وصار بعضهم يسمون بالماساي، والآخرون بالكيكويو.

*** *** ***

أيها الأبناء! عليكم الانتظار حتى ترقد الشمس للنوم، ثم الاقتراب منها بحذر. وعندما تقتربون منها عليكم الجلوس والنظر إليها والتأكد من أن عينيها مغلقتان وأنها نائمة بالفعل. بعد ذلك عليكم الإمساك بها معًا ورفعها وإلقاؤها لأعلى في السماء.
هكذا تكلمت مع أبنائها وحكت لهم ما عليهم القيام به، ونقلت إليهم كل ما قالته لها العجوز. واستع الأولادا جيدًا لما قالته.
وقالت العجوز لأبنائها:
أيها الأبناء عندما تلقون بالشمس لأعلى أخبروها أن تظل شمسًا للأبد، شمسًا متوهجة تدور في السماء،

(مقطع من حكاية: كيف ألقى الأبناء بالشمس إلى السماء)

____________________________
 مقاطع من كتاب: الخرافة والحكايات الشعبية في أفريقيا (الجزء الأول)
ترجمة وتقديم: عبد الرحمن عبد الرحمن الخميسي
المشروع القومي للترجمة، 1551

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

فن الكم = Quantum art

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات