المشاركات

بهجة الشعر (اقتباس)

صورة
بقلم:  ديلان توماس وجربت يدي الغرة، كل شكل شعري تقريبًا،  فكيف يمكنني أن أتعلم سر الصنعة إذا لم أحاول أن أقوم بالعمل بنفسي! تعلمت أن الأساليب الرديئة تأتي بسهولة، أما أسرار الصنعة الجيدة التي تساعدك في قول ما تظن أنك ترغب في قوله بأكثر الطرق المؤثرة ذات المعنى، فما زلت أتعلمها –في صحبة جادة عليك بتسمية هذه الوسائل بأسماء مختلفة: حيل تكتيكية مثلا، أو تجارب في فن نظم الشعر ... إلخ.  *** *** *** لوحة بعنوان بعث ( Resurrection ) للفنان صلاح عناني أنا أستخدم كل شيء لأجعل قصائدي تعمل وتسير في الاتجاه الذي أريده لها، وسائل قديمة أو جديدة، تورية، كلمات منحوتة أو مركبة، تناقض ظاهري، إشارات تلميحية، جناس، استعمال الألفاظ استعمالا خاطئًا، العامية، التناغم السجعي، القوافي اللينة، التناغم المطلق المفاجئ، كل حيلة أو وسيلة موجودة في اللغة يمكنك أن تستخدمها إذا أردت، على الشعراء أن يمتعوا أنفسهم أحيانًا، تحريف ولف الكلمات، واختراع ونحت كلمات جديدة .. كلها أجزاء من عملية الفرح التي هي جزء من العمل المؤلم الإرادي. 

ماذا لو؟

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري يحكي «ديدرو» في «رسالة حول العميان»، عن حدَّاد أعاد له الطبيبُ نَظَرَه الذي حُرِم منه طوال عمره. كان قد تعوَّد طوال خمسة وعشرين عامًا أن يتحرَّك ويتعامل مع العالم فقط بواسطة حواس السمع واللمس والشم والتذوق؛ فلما عاد له نظره صار لفرط ارتباكه يغلق عينيه حتى يتمكَّن من التعامل مع العالم الذي تعوَّده، أو بالأحرى لكي يتجنَّب التعامل مع ارتباكات الحاسة الجديدة التي لا يعرف كيف يتعامل بها بَعْدُ. يذكر «ديدرو» كيف اضطر الطبيب إلى إجباره في أوقاتٍ على فتح عينيه حتى يتمكَّن من التدرب على الرؤية؛ «فكان «دافيل» يقول له وهو يُوسِعُه ضربًا: هلَّا نظرتَ أيها الفَظُّ؟!» James Christensen من ضمن الأمور المثيرة للاهتمام والفضول عند التفكير في مسألة العمى، هو ما نتعلَّمه عن أنفسنا عندما ننظر إلى حال مَنْ فَقَدَ بصَرَه. نُصَابُ بالدهشة في أوقاتٍ كثيرةٍ مِنْ حِدَّة ودِقَّة استغلالِهِ لحواسِّه الأخرى، بشكلٍ قد نظنُّ بشكلٍ تلقائيٍّ أنه غير ممكن. لكنَّ جانبًا آخر مثيرًا للاهتمام يُلِحُّ علينا في هذا السياق، هو الطريقة التي يتمثَّل بها شخصٌ وُلِدَ أعمى العالمَ. يقول «ديدرو»: «

زجاجٌ نصفُ معتم

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) تتحدَّثُ مع صديقٍ لك، فتُحسُّ أن ما تريدُ قوله يقف تقريبًا في متناول أصابعك، تكادُ أن تمَسَّه، لكنكَ لا تستطيع، تتلجلج لوهلةٍ، كأنَّ الكلمات تقفُ على طرف لسانك، لكنها لا تريدُ أن تخرج، فتبدأ من جديد: «كأن …» اللوحة لفان جوخ vincent van gogh الشِّعرُ أحيانًا كالحُلم؛ مليء بالسِّحر، لكنه لا يخلو من الغموض، وكالحلم الذي تعلَّمنا ألا نُشيح بأنظارنا عنه حين لا نفهمه بالكامل، سنُعيدُ قراءة القصيدة مرةً ومرة، حتى نتواصل معها، دون أن نتأكَّد من معناها بالكامل أحيانًا. ينظرُ أحدهم إلى النص، فيصرفُ نظرَه عنه سريعًا؛ قد يقولُ البعض كما قيل لأبي تمام: «لمَ لا تقولُ ما يُفهم؟!» سيُراهنُ آخر على أن الشاعر نفسه لا يعرف معنى ما كتبه؛ يتحيزُ هنا للسهل، والواضح، والبسيط، مع أن الحياة ليست واضحةً دائمًا، وأحيانًا أنتَ لا تفهم ما في داخلكَ بشكلٍ كامل.كأعمى يحاول أن يعرِّف العين، أو المرآة، أو المصباح، ستحاولُ أن تتحدَّث عن هذا الذي لا تستطيع الإمساكَ به بشكلٍ كامل، من خلال استخدام مفرداتٍ وصورٍ لأشياء تعرفها، وتَألَفُها. سيغدو المعنى أحيانًا عصفورًا عنيدًا، يه

الفاشية في تاريخ أوروبا (مقتطفات)

صورة
بقلم: بيير ميلزا الفاشية هي أساسًا ظاهرة أوروبية، سواء كانت في الشكل المكتمل، الذي تميزه الديكتاتوريات الشمولية لفترة ما بين الحربين، أو في الشكل الجنيني للحركات التي غالبًا ما توصف بما قبل الفاشية، والتي تطورت في العديد من دول العالم القديم عند ملتقى القرنين التاسع عشر والعشرين. وسواء شئنا أم أبينا، فهي مرتبطة دائمًا بتاريخنا. فهي من نتاج تاريخنا المشترك. وعلى هذا النحو - أيًا ما كان الألم الذي يسببه اختبار الذاكرة- ينبغي مجابهتها، ليس كعرض عابر أو ك"مرض أخلاقي مقحم، في جسم سليم، حسبما اعتقد بنيديتو كروس Benedetto CroceK، لكن كذروة مسلك أيديولوجي وثقافي متجذر في تاريخ أوروبا المعاصرة، وذلك للتمكن من فهم آعمق وتحقيق استجابة أكثر فعالية إزاء الانبعاثات المحتملة، وإن لم تكن مناسبة مسبقًا لشياطين قدامى أمكن الاعتقاد بأنها لن تلاحق سوى الذاكرة المتحجرة لبعض من يحن إلى "النظام الجديد" الهتلري. ... الفاشية والبربرية التي ولدتها، لا سيما في قالبها الهتلري، ليستا غريبتين عن أوروبا. ولدت الفاشية في أوروبا. وتطورت صباح اليوم التالي للحرب العالمية الأولى في سياق أوروبي بشكلٍ

الرهان على ديلان

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري في بداية مقال مثير للاهتمام نُشر في موقع New Republic قبل أسبوع تقريبًا من إعلان جائزة نوبل للآداب يُذَكرنا أليكس شيبارد (Alex Shephard) بالمفاجأة التي أثارها فوز سفيتلانا ألكسيفيتش (Svetlana Alexievich) بنوبل للآداب في العام الماضي، من ضمن ما استغربه المقال هو أن الكثيرين راهنوا على فوز سفيتلانا وقتها على موقع المراهنات Ladbrokes، يقول: "سيظل سرًا لِمَ فازَ من راهنوا على ألكسيفيتش، آخذين في الاعتبار أن نوبل تميل بشدة نحو السرد التخييلي (fiction)، وأن كتب ألكسيفيتش هي تاريخٌ شفوي يجمع بين السرد التخييلي والواقعي. في الغالب وضع أحدهم يده على القائمة القصيرة بالغة السرية للجائزة ووضع بالتالي رهانه على ألكسيفتيش." يوضح كاتب المقال لاحقًا سبب ازدهار المراهنات على نتائج الجائزة من وجهة نظره؛ فيشير إلى عدم وجود قوائم قصيرة ولا طويلة معلنة لجائزة نوبل خلافًا لجوائز أخرى كالبوكر مثلًا، وإلى عدم وجود وسيلة لمعرفة الفائز بجائزة نوبل قبل الإعلان عنها رسميًا. 

الفأر في المتاهة: كتابي الجديد

صورة
صدرت النسخة الإلكترونية من كتابي الجديد "الفأر في المتاهة"، وهي متاحة للتحميل من موقع هنداوي : من خلال الوصلة التالية:  http://www.hindawi.org/books/29203637/ صفحة الكتاب على جودريز:  https://www.goodreads.com/book/show/32507383 أتمنى أن يلاقي الكتاب إعجابكم، وأسعد بجميع التعليقات والآراء.

وصفُ الغيوم: العالم كمرآة - الذات كعالم

صورة
بقلم: أحمد ع. الحضري (١) يقدِّم «دافنشي» في كتابه «نظرية التصوير» نصائح مهمة وثاقبة للفنانين، يستلهمها من خبرته العملية الطويلة، ومن موهبته الكبيرة. استوقفتني منها نصيحة وَصَفَها بأنها «نصيحة ذات نفع كبير للفنان؛ إذ تساعد على تفتيح مَلَكَاته، وإِطْلَاعه على عديد من الابتكارات، رغم أنها تبدو قليلة القيمة، بل ومثيرة للسخرية.» ونصيحته كما ترجمها «عادل السيوي» ضمن كتاب دافنشي المسمى ﺑ «نظرية التصوير» هي أن «تتأمل أيها المصوِّر الجدرانَ الملطخة، والأحجار المختلطة، فإذا كنتَ تبحث عن تصوُّرٍ لموقعٍ ما، يمكنك أن ترى فيها صورًا وأشكالًا لبلدانٍ متنوعة، تزيِّنها الجبال، وتجري فيها الأنهار، وسترى الأحجار، والأشجار، والسهول الواسعة، والتلال على اختلاف أشكالها، كما يمكنكَ أيضًا أن ترى معارك مختلفة، وأفعالًا سريعةً تقوم بها مخلوقات غريبة الأشكال، وستشاهد العديد من الوجوه والملابس وأشياءَ أخرى كثيرة لا يمكن حصرُها هنا. ويمكنكَ أن تختصر هذه الأشكال في بناء متكامل، وأشكال قيِّمة. ومن يتعامل مع تلك الجدران والأحجار، يشبه من يُنصت إلى أصوات الأجراس، فيسمع في دقَّاتها كل اسم أو حرف أو كلمة يمك