مسخ


Man Ray - The Rope Dancer


 أحمد الحضري



الرقصُ الفرديُ عبثٌ خالصٌ، سواءٌ كنت وحدك، أو تحت أعين الناظرين، لكنه عبثٌ لا يخلو من المتعة على أي حال، ما يجعله ممتعًا هو ما يبثه في الروح من مرحٍ وخفة، وما يصاحبه من تمردٍ وسخرية، وما يداخله من خيال. وحيدًا كنت أتخيلني عصفورًا، أو نحلة تتنقل بين الزهور بطيش. أما هنا فقد عرفت لأول مرة الرقصات الزوجية والجماعية، وعرفتُ لأول مرة البشر، عرفت الجمال والقبح، وعرفتُ المرايا و .. عرفتني. وعلمتُ أنني لم أكن في عيونكم سوى مسخ ولم تكن هي أقلَّ من أميرة.

السماءُ التي اختارها لها أبوها بعناية..
الحياة والوجوه المثالية التي تراها كلُّ يومٍ...
الانسجام المقزز الذي يحيطها طوال الوقت..
جعلوني دميةً مسليةً ومختلفةً لها.

تخيلوا عالمًا كلُّ مراياه خادعة، ينظرُّ الرجلُ في المرآة فيرى غيره، وينظر له الناس فيرون آخر غير الذي يعرفه هو، تخيلوا أناسًا كهؤلاء كيف يحبون أنفسهم كيف يحبون غيرهم، بل كيف يحسون بأي شيء. نعم أتعالى عليكم الآن لأنني أغارُ منكم، لكن كلامي حقيقيٌّ مع ذلك.


اسخروا من الأيام لا تسخروا مني؛ فأنا هنا منذ الزهرة الأولى، اسخروا من أنفسكم لا تسخروا مني؛ فأنا هنا قبل أن تعرفوا معنى الجمال والقبح. اسخروا وسأدّعي أني لا أهتم، لكني مع ذلك أتألم.

30 يونيو 2011

تعليقات

  1. من وحي نص لأوسكار وايلد لا أذكرُ اسمه تم إلقاءه في جلسة المغامير بالأمس

    ردحذف
  2. حلو اوى على فكرة.. مقرتهوش لييه؟

    القصة كان اسمها (عيد ميلاد انفانتا) من حكايات لاوسكار وايلد الهيئة العامة للكتاب - ترجمة د. أحمد خالد توفيق

    ردحذف
  3. شكرا يا دينا :) كان لازم أبيضه وما لحقتش لإن المقاطع كانت متناثرة وف وسطها أجزاء محذوفة

    ردحذف
  4. دنيا رواياتي: مبسوط إنها عجبتك شكرا على المرور .. أنتظر أراءك في نصوصي كلما أمكن .. مرحبا بك هنا دائما

    ردحذف

إرسال تعليق

أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

ألبرت أينشتاين وميليفا ماريتش: قصة حب (اقتباس)

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات