السرداب رقم 2








الأبطال في هذه الرواية يتبادلون: السخرية/ الشك / الشجار / جلد الذات / جلد الآخر/ الطيبة / الود / المساندة/ التعاون/التحرش
الأبطال في هذه الرواية خائفون / ثائرون
الأبطال في هذه الرواية يموتون ببطء من الغذاء الفاسد الذي يقدم لهم يوميا ومن القهر والتعذيب ومن الجو وطبيعة المكان غير الإنسانية.



تدور أحداث هذه الرواية في زنزانة أحد المعتقلات العربية "السرداب رقم 2” ويأتي اختلافها من تركيزها بشكل أكبر على العلاقة بين السجناء والأذى الذي يترتب عن العلاقات غير الطبيعية بين مجموعة من الأشخاص غير السيئين عند وضعهم في ظروف غير إنسانية.


والرواية مقسمة إلى أحد عشر قسمًا مسماه بأسماء أبطالها لكن الأحداث متصلة بين الأقسام المختلفة مع اختلاف منطقة تركيز الضوء في كل قسم، لعل البطل فيها هو السرداب نفسه، وهذه الأقسام لا تمثل كل شخصيات الرواية :


1 – عبد الله


كان دخوله إلى السرداب مثيرًا للجدل فقد عرف المعتقلون بعد دخوله أنهم اغتصبوا زوجته، أشعل الحدث وساوس المعتقلين لما يمثله من معنى:

“في اليوم الثاني عرف الجميع "بأمر عبد الله" كانوا يسمعون الخبر، فيبتلعون الصدمة بنوع من الذهول، وعدم التصديق، الأمر الذي يدفعهم إلى عبد الله من جديد ليتأكدوا بأنفسهم. ولكن عبد الله ما كان ليشبع لهم فضولهم كان متعبا وحزينا وكانت جراحه ما زالت جديدة ”


أشعل ما حدث له مجموعة من الجدالات:


"لم يقف من عبد الله أحد المعتقلين موقفا معاديا غير مرتضى الشكرجي فقد أعلن منذ سمع بالقصة أن عبد الله نذل وحين سألوه لماذا؟ أجابهم ببساطة:


-    أليس نذلا من يرى زوجته تغتصب ويبقى ساكنا؟

-    أجاب مجيد العجمي :

-    ماذا يستطيع أن يفعل؟

-    قال الشكرجي، منفعلا:

-    ماذا يفعل ؟ تسألني ماذا يفعل يا عجمي؟ يفعل كل شيء

-    مثلا؟

-    نظر الشكرجي إلى محدثه بحنق وفضل الصمت ولكن سؤال العجمي ظل معلقا في السرداب وبدا أن كل معتقل منا كان مطالبا ولو أمام نفسه أن يرد على هذا السؤال، ماذا سيفعل لو أنه تعرض للتجربة نفسها

-    في المساء سأل سمير "مجيد العجمي":

-    قل لي يا عجمي إذا أنت ترى أن عبد الله كان على صواب عندما سكت وقبل أن يغتصبوا زوجته...

-    أجابه العجمي:

-    كلا

-    ماذا إذن

-   كان يستطيع أن يعترف .. وعند ذلك لا أذى ولا اغتصاب ولا هم يحزنون"


الرواية في مناطقها المختلفة لا تأخذ صف جانب ما في سرد المعلومات فحتى معلومة كون عبد الله متزوجًا تصبح مجالا للشك والقيل والقال …


في النهاية يموت عبد الله بعد سقوطه من فوق السور.
وهو يثير بموته جدال لا يقل عن الجدال الذي أثاره حيا
"كان إبراهيم لا يفتأ يردد نحن الذين قتلناه فيرد عليه الدكتور إحسان:
بل هم الذين قتلوه يا إبراهيم"


2- إبراهيم المصور


الهادئ ذو الصوت العذب، زوجته لا عائل لها، وتراوده الوساوس عن مصدر دخلها أثناء وجوده في السرداب. يرفض الامتناع عن الغناء وفقا للأوامر فيتم ضربه.ثم يفكر في الهرب وينتهي الفصل دون معلومة مؤكدة إن كان قد أفرج عنه أو تم عقابه .


3- دكتور إحسان


رفض منذ البداية أي استشارات طبية من السجناء الآخرين وكان يردد أنا هنا لست طبيبا أنا مسجون،
"لست طبيبا ... صدقوني ... وعندما أقول ذلك فأنا أعنيه ... يجيء أحدكم ويقول أنا مريض .. حسنا  .. لكننا جميعا مرضى، ما إن يعتقل الإنسان حتى يغدو مريضًا ولا علاج له إلا أن تعاد له حريته...كيف لا تدركون ذلك؟ وانظروا أنتم أنفسكم... نحن جميعًا نعاني من سوء التغذية... ومن سوء التهوية.. ومن سوء المعاملة فكيف يراد مني أن أعالج كل هذا السوء .. لو كنت أعرف لعالجت نفسي .. ولا علاج إلا بأن نعود إلى الحياة... إلا بأن نخرج من هذا القبر"


في نهاية الفصل يحرض المعتقلين على عدم تناول الطعام الفاسد الذي يقدمه المتعهد، وتحمل مسؤولية الحديث لآمر السجن حول هذا الأمر، وهو يعلم مسبقًا أنهم حين يجدُّ الجد سيتنصلون من المسؤولية عند أول تهديد.
ويتم استدعاؤه نتيجة لذلك دون أن نعلم بدقة كيف تم عقابه.


"وزع الغذاء فأكل الجميع، فعلوا ذلك بصمت وبتواطؤ ..  وخاف الجميع من أن يسألوا عما حل بالرجل الذي خرج منذ بضعة ساعات"



"منذ الآن ممنوع المواجهة …ممنوع إدخال أي شيئ إلى المعتقل وإذا كان بينكم بطل يريد أن يضرب عن الطعام فليتفضل"


4 – كاكا كريم


الصلب الذي لا يقبل أن تمس كرامته، ولم يعترف حتى بعد تعذيبه، يحترمه الجميع حتى آمر السجن نفسه وكان قد دخل العمل السياسي بعد مقتل ابنه في مظاهرة، يموت في نهاية الفصل نتيجة للمرض الناتج عن الطعام وظروف المكان، بعد رفض الآمر ذهابة للمستشفى لمدة أسبوع.


5- أبو النمنم


يراه الجميع شبه مخبول لا يهتم بشيء سوى بعملية فرز الألوان المختلفة للنمنم ثم إعادة خلطه، هو الوحيد من بين المعتقلين الذي لم يبد مهتمًا بما يحدث في الزنزانة .. إلى أن يعلن عن فقدان علبة النمنم الخاصة به ...


6- العجمي


يعامله كل من في المعتقل على أنه عميل للآمر ...


7- الشكرجي
8- أبو الشلغم
9 العرجة
10سلمان المحامي
11 أنا
(الرواي )




الرواية المنشورة في عام 1997 تتعامل مع منطقة تعاملت معها مجموعة من  الروايات السابقة عليها وهي منطقة المعتقل، لكنها لا تخلو من نقاط تفرد تتمثل في رسم شخصيات خاصة بها، لها ما يميزها على الأقل على مستوى بعض التفاصيل المتفردة في كل شخصية.


العلاقات بين أفراد المعتقل جيدة في أوقات كثيرة من الأحداث لكنها في نفس الوقت مضطربة ويزداد اضرابها مع حالات الخوف/ الألم، دائما هناك أبعاد مختلفة للشخصية يختلف أفراد السرداب في أحيان كثيرة في نظرتهم لبعضهم البعض، وأحيانا كثيرة ما يكتشفون أنهم لم يعرفوا من ظنوا أنهم يفهمونه جيدًا، وهي منطقة تصنع إثارة ومتعة في أحداث الرواية.


إحساسي بالرواية أن للسرداب بعد رمزي ربما أهم من بعده الحقيقي، فأبطال الرواية طيبيين في المجمل لكن ظروف العيش غير الإنسانية المتمثلة في السرداب هي التي تصنع منهم في أحيان كثيرة جلادين للآخرين ولأنفسهم.


الرواية في مجملها جيدة، ليست من الروايات المبهرة بالنسبة لي لكنها تظل مميزة، وتعرفت من خلالها على أديب لم أكن قد عرفته قبلا هو يوسف الصائغ الذي ظهر لي من هذه الرواية أنه أديب مميز وصاحب أسلوب جيد، وهو حسبما ذكر في التعريف الخاص به شاعر وروائي عراقي.

على الغلاف الأخير للرواية


ليس لهذه التجربة اتصال بأي غرض سياسي...أو أية جهة سياسية..

إنها تصف معاناة، اشترك فيها كثير من الناس الذين واجهوا العسس، بسبب ما يُسمى (سياسة)..على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم...

هذه الصفحات معنية بأن تعيد لهم جميعًا اعتبارهم.

لأنهم لأسباب عديدة، حاولوا أن يكونوا طيبين وصادقين...ولم يكن ذلك، دائمًا، في متناولهم..بسبب السرداب ...؟!



بقلم: أحمد ع. الحضري

تعليقات

  1. من دلوقتي بأعلن حجزي للرواية بعد انتهاءك منها؛ مش عارفة إحساسي صح ولا لأ، بس مع سردك للأحداث وتعليقاتك حسيت فيها شئ من فيلم "البرئ"، فكرة الرواية عجباني قوي وشداني أقرأها مع إني متأكدة إنها هتوجعني قوي.
    واضح إن حصيلتك "المعرضية" مُبشِرة جدًا، في انتظار باقي القراءات. دمت قارئًا

    ردحذف
  2. لا دي عندي من زمان بس قريتها دلوقتي بس

    ردحذف
  3. عااااااااااااااااا

    عاااااااااااااااااااا
    عااااااااااااااااا

    مش عاوز أقول لك الرواية دي كانت بتطاردني إزاااااي، وكل مرة بيبقى نفسي حد واحد بس يقول لي إن فيه احتمال تبقى رواية حلوة، مؤخرًا طبعًا علمتنا الأزبكية أن نشتري الأشياء حتى ولولم تكن حلوة


    مش هقدر أقول لك إني عاوزها، ولا أحجزها منك لأن تلالً من الكتب أصبحت مسؤولاً عنها في البيت تطاردني أيضًا وتطالبني بالقراءة

    وأعتقد من جهة أخرى أن جزءًا من واجبنا نحو ما نقرأ أن نكتب عنه

    دمت شاعرًا :)

    ردحذف

إرسال تعليق

أفيدوني بانتقاداتكم وإطراءاتكم، أسعد بجميع الآراء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

ألبرت أينشتاين وميليفا ماريتش: قصة حب (اقتباس)

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات