مقاطع من حوار مع ساراماجو


قامت بالحوار: كاترين فاز
ترجمة: محمد هاشم عبد السلام


Saramago
photo by: Euler Paixão

كاترين فاز: قلتَ مرة بعد الفوز بنوبل، أن كل رحلاتك وظهوراتك جعلت منك كما لو كنت "ملكة جمال أمريكا: هل هذا حقيقي حتى الآن؟

ساراماجو: لا، لا، أنا لن أكون ملكة جمال أمريكا أبدًا. قلت كما لو كنت ملكة جمال الكون. لأن أمريكا ليست بعد هي الكون !


*** *** ***

ساراماجو: أنا أيضًا متوجس مرتاب بعض الشيء بشأن الأعلام والموسيقا العسكرية؛ إنها مصممة من أجل تعبئة وحشد الشعوب. العلم الأول، في مصر القديمة الفرعونية – الذي نعتبره باكورة أعلام العالم كله- كان رحم بقرة معلقًا مرفوعًا فوق عصا منتصبة. واجب علينا أن نطلق صرخة انفعال ونشهر أسلحتنا ضد العدو- بسبب هذا العلم؟ في رأيي، إذا نظر الناس إلى الأعلام من هذا المنظور، فإن كثيرًا من الإجلال والتوقير للخطابة الحماسية سوف يتلاشى تدريجيًا. 

*** *** ***
  
ساراماجو: في الأدب، الرواية بوضوح تتحدث عن أفراد، لكن لعمل ذلك بفاعلية أو بنوع من التأثير، من أجل نقل الحالة الإنسانية لفرد، أو اثنين أو ثلاثة من الناس يجب على المؤلف أن يفهم أن كل شيء يتموضع أو يدخل في سياق التاريخ. نحن رعايا "خاضعون وتابعون" يهيمن التاريخ علينا. لا يمكن للواحد أن ينسى ما هو خلفنا، وما يوجد في العالم الآن، هذا العالم يعاني التشظي، والفوضوية، والإفساد، ودوام التحرك نحو المجهول. 

عندما توجد على هذا الكوكب، نحاول إعطاء أو إضفاء معنى على أفعالنا، لكن عندما تختفي الشمس في النهاية، لن يكون هناك أحد باقيًا للتحدث عنها، عن أفولها وعن أفعالها. 

الكوميديا الإلهية والإخوة كرامازوف ستنتهيان، دون كيخوتة ستنتهي، السيمفونية التاسعة لبيتهوفن ستنتهي، وأيضًا السابعة والسادسة وكل السيمفونيات. ولذلك سوف نختفي، سوف تصبح البشرية حدثًا تافهًا كان لبرهة في الكون. 

*** *** ***

كاترين فاز: قلتَ ذات مرة "ربما هي اللغة التي تختار الكتاب الذين تحتاجهم، مستخدمةً إياهم، لذلك ربما كل واحد يتولى أن يعبر عن جزء صغير مما هي عليه (من حقيقتها)".

ساراماجو: لا، أنا لم أقل ذلك أبدًا!

كاترين فاز: موافقة، موافقة، سامحني. الراوي في "عام وفاة ريكاردو ريس" قال هذا. هل تتفق أنت نفسك مع هذا؟ هل اختارتك اللغة البرتغالية؟ أي جزء منها قمت بالتعبير عنه؟

ساراماجو: هذا وضع مشترك خاص بالكتاب – أنا لست متأكدًا من أنني أستطيع فهم هذه الكلمات- نحن نكتب أشياءً ثم نقيمها فيما بعد سواء من حيث الجودة أو السوء، أي أننا نعيد التفكير، ربما يجب علينا الاحتفاظ بهذا كاستعارة بلاغية بدلا من الإيمان التام به. 

*** *** ***

ساراماجو: كتابة الرواية مثل عملية تشكيل كرسي: يجب أن يكون الفرد قادرًا على الجلوس عليه، وأن يكون متوازنًا فوقه، إذا كنت قادرًا على إنتاج كرسي كبير، أو جيد، فإنه قبل أي شيء يجب أن أتأكد أن له أربع أرجل ثابتة. [...]

الكتابة هي مهنتي، إنها العمل الذي أقوم به، هي ما أجيده، أنا لا أؤمن بالإلهام حتى أنني لا أعرف ما هو، ما أعرفه هو أنه عليَّ أن أقرر الجلوس إلى مكتبي، والإلهام لا يدفعني لأجلس. الشرط الأول للكتابة هو الجلوس – ثم الكتابة. 




مقاطع من حوار منشور في كتاب: مكان تغمره الخصوصية: حوارات مع ساراماجو، بورخس، كورتاثر، بولز وأوستر

ترجمة وتقديم: محمد هاشم عبد السلام
سلسلة آفاق عالمية، 52
الهيئة العامة لقصور الثقافة ، القاهرة
2006 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما هو الفن الطليعي؟ (Avant Garde)

هل العالم حقيقي، أم أنه مجرد وهم أو هلوسة؟

فن الكم = Quantum art

الغراب في التراث الشعبي: مقتبسات